ولكن إبليس اللعين لا يمكن أن يتركهما، بل وسوس لهما وزين السوء قائلا:
ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وأقسم لهما: إنى لكما لمن الناصحين.
وهنا تظهر غريزة الإنسان وضعفه أمام المغريات، وها هو ذا قد ضعف أمام إغراء الشيطان، فأزلهما وأوقعهما في المخالفة، وكان ظاهر الأمر أن قد عصى آدم ربه وغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى.
وهكذا كانت حكمة الله وكان أمره لأسرار لا يعلمها إلا هو لتعمر الدنيا، ولتتحقق الخلافة لله في الأرض حكم بأن يخرجا من الجنة، ويهبط الكل بعضهم لبعض عدو، ولهم جميعا في الأرض مستقر ومتاع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
فإما يأتينكم منى هدى على لسان أنبيائى ورسلي: فمن تبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ولا خوف عليه أبدا، ومن يعرض عن ذكرى ويعص أمرى فله في الدنيا التعب والنصب وفي الآخرة العذاب والألم.
أما آدم أبو البشر فبعد أن أكل من الشجرة وظهرت غريزته وطبيعته وبدت له سوءته، وحاول سترها، وأدرك ما وقع فيه، وتلقى آدم من ربه كلمات: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ فتاب الله عليه وهدى. إنه هو التواب الرحيم.
بنو إسرائيل وما طلب منهم [سورة البقرة (٢) : الآيات ٤٠ الى ٤٣]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١) وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)