ولم تقف دعواهم عند هذا بل صرح أحبار اليهود مرارا قائلين: ليست النصارى على شيء يذكر، وقالت النصارى: ليست اليهود على شيء يذكر، والحال أنهم أصحاب كتاب يدعون أنهم يتلونه ويؤمنون به، فلو أن اليهود تؤمن بالتوراة والنصارى تؤمن بالإنجيل لما قالوا مثل ذلك لأن كل كتاب نزل من عند الله جاء مصدقا لما سبقه ومبشرا لما يأتى بعده.
إذن هم لا يؤمنون بشيء، وقد قال مثل مقالتهم هذه المشركون الذين لا يعلمون شيئا إذ ليس عندهم كتاب، فالله يحكم بينهم يوم القيامة في اختلافهم ويجازيهم عليه أشد الجزاء، وأما الجنة فهي لمن أسلم وجهه لله وهو محسن.
تخريب المساجد [سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٤ الى ١١٥]
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلاَّ خائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١١٤) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)
المفردات:
خَرابِها: تخريبها وهدمها وتعطيلها. خِزْيٌ أى: ذل. فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ أى: هناك جهته التي يرضاها.
سبب النزول:
وهذه الآيات نزلت تشير إلى حوادث وقعت بعد النسخ تتعلق ببيت المقدس وتخريبه، وذهب بعض المفسرين إلى أنها نزلت في مشركي العرب حيث منعوا النبي وأصحابه من دخول مكة، وقيل: إنه إخبار بما سيقع من إغارة الصليبيين على بيت المقدس وغيره من بلاد المسلمين وصدهم عن المسجد الأقصى وتخريبهم كثيرا من المساجد، والكلام على العموم في أهل الكتاب ومن على شاكلتهم.


الصفحة التالية
Icon