اطمئنانهم بقبول توبتهم، ورضا الله عنهم الْغَيْبِ ما غاب والشهادة: ما حضر صَدَقَةً قال القرطبي: مأخوذة من الصدق إذ هي دليل على صحة إيمانه وصدق باطنه مع ظاهره، وأنه ليس من المنافقين الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات.
روى عن ابن عباس قال: لما أطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبا لبابة وأصحابه انطلق أبو لبابة وأصحابه بأموالهم فأتوا بها رسول الله فقالوا: خذ من أموالنا فتصدق بها عنا، وصل علينا أى: استغفر لنا وطهرنا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا آخذ منها شيئا حتّى أومر» فأنزل الله: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ الآية.
المعنى:
يا محمد- وكذا كل إمام للمسلمين وحاكم- خذ من أموال هؤلاء الذين اعترفوا بذنوبهم وخلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وربطوا أنفسهم في سارية المسجد وحلفوا لا يفكهم إلا رسول الله، ولما أطلقهم أحضروا أموالهم للنبي قائلين: هذه أموالنا التي منعتنا عن الجهاد معك فتصرف فيها بما شئت، وليس المراد من أموال هؤلاء فقط، بل من أموال المسلمين جميعا، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
خذ من أموالهم صدقة تطهرهم من دنس البخل، وشح النفس ولؤم الطبع، وقسوة القلب، وتزكيهم بها حتى تنمو نفوسهم على حب الخير، وتزرع في قلوبهم شجر العطف على الفقير والضعيف والمحتاج، بهذا تنمو النفس وترتفع.
وصل عليهم، فالصلاة منك دعاء لهم بالخير، وسكن لنفوسهم من الاضطراب عقب الذنب الذي وقع بالمخالفة، والمعنى: ادع أيها الرسول للمتصدقين بالخير والبركات واستغفر الله لهم فدعاؤك واستغفارك سكن لهم واطمئنان لقلوبهم، وارتياح إلى قبول توبتهم والله سميع لكل قول ومجاز عليه، عليم بكل قصد ونية، وبما فيه الخير والمصلحة.
الصدقة مطهرة للنفس، مرضاة للرب، وحصن للمال، وتقوية للسناد، والتوبة تغسل الذنب وتمحوه، وتجدد العهد وتقويه ولذلك جاءت بعد الأمر بأخذ الصدقة لبيان السبب في الجملة.