وقد ضرب الله المثل للمنافقين وأعمالهم المنهارة، وللمؤمنين وأعمالهم المؤسسة على الأساس المكين بطريق الإيجاز المحكم فقال ما معناه:
أفمن كان مؤمنا صادقا لا يقصد بعمله إلا وجه الله، ويتقى الله في كل عمل، كمن هو منافق مرتاب مراء كذاب لا يبغى بعمله إلا الشيطان والهوى: أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ «١» ؟ فالمنافق يفضحه الله وينال جزاءه السيئ في الدنيا والآخرة، والمؤمن ينال جزاءه الحسن في الدنيا والآخرة.
أفمن أسس بنيانه على أساس التقوى، والإيمان والإخلاص، وهو أساس قوى متين نافع في الدنيا والآخرة، كمن أسس بنيانه على أساس ضعيف منهار! فالأول مثل المؤمن والثاني مثل للمنافق، وخلاصة المثلين أن الإيمان الصادق وما يتبعه من العمل المثمر النافع كالبناء المتين المؤسس الذي يقي صاحبه عوادي الزمان.
وأن النفاق وما يستلزم من العمل الفاسد هو الباطل الزاهق وهو كالبناء الذي يبنى على الجرف المنهار لا ينفع صاحبه ولا يقيه سوءا، بل يضره ضررا بليغا حيث ألهاه عن العمل المثمر النافع.
والله لا يهدى القوم الظالمين لأنفسهم ولغيرهم.
لا يزال بنيانهم الذي بنوه ريبة في قلوبهم، يملؤها شكا ونفاقا وحسرة وألما وخوفا من الفضيحة وهتك الستر، فهم دائما في ريبة وشك يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ «٢».
لا يزال كذلك ولا يزال هدمه سبب شك ونفاق زائد على شكهم ونفاقهم إلا أن تقطع قلوبهم قطعا، تتفرق أجزاء فحينئذ يسلون عنه، وأما ما دامت سالمة فهم في ريبة وشك والله عليم بخلقه حكيم في صنعه.
(٢) سورة التوبة آية ٦٤.