أو لضعفة المؤمنين، أيكم زادته هذه إيمانا بأن القرآن من عند الله وتصديقا بأن محمدا صادق في دعواه؟ ولا شك أن الإيمان بمعنى التصديق الجازم المقرون بإذعان النفس يزيد بنزول القرآن، وبسماعه وتلاوته خاصة من النبي صلّى الله عليه وسلم.
قال الله- تعالى- جوابا لسؤالهم، فأما الذين آمنوا حقا بالله ورسوله، وحل نور الإسلام في قلوبهم. فزادتهم هذه السورة بل الآية الواحدة إيمانا على إيمانهم ويقينا على يقينهم، واطمئنانا على اطمئنانهم، والحال أنهم يستبشرون ويفرحون. وأما الذين في قلوبهم مرض وشك ونفاق دعاهم إلى إظهار الإسلام وإبطال الكفر، فهذه السورة أو غيرها زادتهم رجسا على رجسهم. وكفرا على كفرهم، ونفاقا على نفاقهم حتى استحوذ عليهم الرجس والكفر والنفاق وماتوا وهم كافرون.
أيجهلون هذا ويغفلون عن حالهم؟ وقد توالت عليهم الاختبارات، وحلت بهم الإنذارات تلو الإنذارات، التي يظهر بها الإيمان من النفاق، ويتميز بها الحق من الباطل، هذه الفتن والاختبارات كانت بالآيات التي هي دالة على صدق الرسول فيما يبلغه عن ربه، وهذه الآيات التي نصحتهم وكشفت سرهم، وأبانت حقيقتهم، أليست هذه نذرا كافية في أنهم يرتدعون عن نفاقهم الباطل؟
ثم بعد هذا كله لا يتوبون ولا هم يتعظون.
وإذا ما أنزلت سورة على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهم جلوس في مجلسه نظر بعضهم إلى بعض نظر لؤم وخبث، وأخذوا يتغامزون بالعيون وذلك لفساد قلوبهم وسوء سريرتهم.
ينظرون إلى بعض ثم يقولون: هل يراكم من أحد إذا نحن انصرفنا ثم انصرفوا وخرجوا لواذا متسللين، تبا لهم ثم تبا.
صرف الله قلوبهم عن الخير والنور، وذلك بأنهم قوم لا يفقهون. نعم لا يفقهون الدعوة وسرها، وما فيها لأن قلوبهم في أكنة لا يصل إليها نور أبدا، فهم معرضون يجعلون أصابعهم في آذانهم، من شدة الحقد، وفساد الطبع وخبث الطوية، ألا قاتلهم الله أنى يؤفكون، وهنا فرق بين من يحاول الفهم والحكم الصحيح، وبين من يعرض ولا يقبل النظر في الآيات أبدا، والمنافقون من النوع الثاني. أما المؤمنون فإذا تليت عليهم آياته وجلت قلوبهم، وخضعت أعناقهم، وغابت نفوسهم عن كل ما حولهم فلا يسمعون إلا القرآن!!