كحمزة بن عبد المطلب، ومصعب ابن عمير وغيرهما- رضى الله عنهم أجمعين-.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ أى: ومنهم من هو مستمر على الوفاء، وينتظر الشهادة في سبيل الله- تعالى- في الوقت الذي يريده- سبحانه- ويختاره، كبقية الصحابة الذين نزلت هذه الآية وهم ما زالوا على قيد الحياة.
قال الامام ابن كثير: قال الامام أحمد: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت قال أنس: غاب عمى أنس بن النضر- سمّيت به- لم يشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم بدر، فشق عليه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غبت عنه، لئن أرانى الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليريّن الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها. فشهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم أحد.
فاستقبل سعد بن معاذ، فقال له أنس: يا أبا عمرو، أين واها «١» لريح الجنة أجده دون أحد.
قال: فقاتلهم حتى قتل: قال: فوجد في جسده بضع وثمانون من ضربة وطعنة ورمية.
فقالت أخته- عمتي الرّبيّع ابنة النضر- فما عرفت أخى إلا ببنانه.
قال: فنزلت هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه- رضى الله عنهم، ورواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سليمان بن المغيرة «٢».
وقوله- تعالى-: وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا معطوف على صَدَقُوا أى: هؤلاء الرجال صدقوا صدقا تاما في عهودهم مع الله- تعالى- حتى آخر لحظة من لحظات حياتهم، وما غيروا ولا بدلوا شيئا مما عاهدوا الله- تعالى- عليه.
ثم بين- سبحانه- الحكمة من هذا الابتلاء والاختبار فقال: لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ.
أى: فعل- سبحانه- ما فعل في غزوة الأحزاب من أحداث، ليجزي الصادقين في إيمانهم الجزاء الحسن الذي يستحقونه بسبب صدقهم ووفائهم.
وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أى: إن شاء تعذيبهم بسبب موتهم على نفاقهم.
أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ من نفاقهم بفضله وكرمه فلا يعذبهم.

(١) واها: كلمة تحنن وتلهف قالها أنس لسعد- رضى الله عنهما.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣٩٥.


الصفحة التالية
Icon