أى: ذلك البعث منا لرسولنا محمد ﷺ لكي يهدى الناس بإذننا إلى الصراط المستقيم، هو فضلنا الذي نؤتيه ونخصه لمن نشاء اختصاصه به من عبادنا..
وَاللَّهُ- تعالى-: هو ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الذي لا يقاربه فضل، ولا يدانيه كرم.
كما قال- سبحانه-: قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ. يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ «١».
ثم انتقلت السورة الكريمة- بعد هذا البيان- لفضل الله- تعالى- على نبيه ﷺ وعلى من أرسله لهدايتهم، إلى الحديث عن جانب من رذائل اليهود. وأمرت النبي ﷺ أن يتحداهم وأن يرد على أكاذيبهم.. فقال- تعالى-:
[سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٥ الى ٨]
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥) قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦) وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)
والمراد بالمثل في قوله- تعالى-: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ... الصفة والحال...
والمراد بالذين حملوا التوراة: اليهود الذين كلفهم الله- تعالى- بالعمل بما اشتملت عليه التوراة من هدايات وأحكام وآداب... ولكنهم نبذوها وتركوا العمل بها..