وفي رواية أن التي شرب عندها العسل: حفصة بنت عمر، وأن القائلة له ذلك: سودة بنت زمعة، وصفية بنت حيي.
قالوا: والاشتباه في الاسم لا يضر، بعد ثبوت أصل القصة.
وأخرج النسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس، أن رسول الله ﷺ كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراما، فأنزل الله- تعالى- يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ... الآيات....
وروى ابن جرير عن زيد بن أسلم: أن رسول الله ﷺ أصاب أم إبراهيم مارية، في بيت بعض نسائه- وفي رواية في بيت حفصة فقالت: يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي؟
فجعلها أى مارية- عليه حراما، وحلف بهذا.. فأنزل الله هذه الآيات «١».
قال القرطبي ما ملخصه: «وأصح هذه الأقوال أولها.. والصحيح أن التحريم كان في العسل، وأنه شربه عند زينب، وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فيه، فجرى ما جرى فحلف ألا يشربه وأسر ذلك، ونزلت الآية في الجميع» «٢».
وقال الإمام ابن كثير- بعد أن ساق عددا من الروايات في هذا الشأن: والصحيح أن ذلك كان في تحريمه ﷺ للعسل «٣».
وقال الآلوسى: قال النووي في شرح مسلم: الصحيح أن الآية في قصة العسل، لا في قصة مارية المروية في غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح.
والصواب أن شرب العسل كان عند زينب بنت جحش.. «٤».
وقد افتتح- سبحانه- السورة الكريمة بتوجيه النداء إلى النبي ﷺ فقال:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ.
وفي توجيه النداء إليه ﷺ تنبيه إلى أن ما سيذكر بعد النداء، شيء مهم، بالنسبة له ولسائر المسلمين.
والاستفهام في قوله- تعالى- لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ.. للنفي المصحوب بالعتاب منه- سبحانه- لنبيه صلى الله عليه وسلم.
(٢) راجع تفسير القرطبي ج ١٨ ص ١٧٩.
(٣) راجع تفسير ابن كثير ج ٨ ص ١٨٧.
(٤) راجع تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ١٤٧.