ثم أضاف- سبحانه- إلى تكريمه لنبيه تكريما آخر، وإلى تهديده لمن تسيء إليه من أزواجه تهديدا آخر فقال- تعالى-: عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ.
قال الجمل ما ملخصه: سبب نزولها أنه ﷺ لما أشاعت حفصة ما أسرها به، اغتم ﷺ وحلف أن لا يدخل عليهن شهرا مؤاخذة لهن.
ولما بلغ عمر- رضى الله عنه- أن النبي ﷺ قد اعتزل نساءه.. قال له يا رسول الله: لا يشق عليك أمر النساء، فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك.
قال عمر: وقلما تكلمت بكلام إلا رجوت أن الله يصدق قولي الذي أقوله فنزلت هذه الآية.
فاستأذن عمر النبي ﷺ أن يخبر الناس أنه لم يطلق نساءه فأذن له فقام على باب المسجد، ونادى بأعلى صوته: لم يطلق النبي ﷺ نساءه «١».
وعَسى كلمة تستعمل في الرجاء، والمراد بها هنا التحقيق، لأنها صادرة عن الله- عز وجل-.
قال الآلوسى: عَسى في كلامه- تعالى- للوجوب، وأن الوجوب هنا إنما هو بعد تحقق الشرط وقيل: هي كذلك إلا هنا، والشرط معترض بين اسم عَسى وخبرها.
والجواب محذوف. أى: إن طلقكن فعسى... وأَزْواجاً مفعول ثان ليبدل وخَيْراً صفته «٢».
أى: عسى إن طلقكن رسولنا محمد ﷺ بإذن ربه ومشيئته، أن يبدله- سبحانه- أزواجا خيرا منكن.
ثم وصف- سبحانه- هؤلاء الأزواج بقوله مُسْلِماتٍ منقادات ومطيعات لله ولرسوله، ومتصفات بكل الصفات التي أمر بها الإسلام.
مُؤْمِناتٍ أى: مذعنات ومصدقات بقلوبهن لكل ما جاء به النبي ﷺ من عند ربه.
قانِتاتٍ أى: قائمات بالطاعة لله ولرسوله على أكمل وجه.

(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٤ ص ٣٦٧.
(٢) تفسير الآلوسى ج ٢٨ ص ١٥٥.


الصفحة التالية
Icon