وقوله: لا يُخْزِي من الخزي بمعنى الافتضاح: يقال أخزى الله فلانا إذا فضحه، والمراد به هنا: عذاب النار.
وقوله: وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ معطوف على النبي، وجملة نُورُهُمْ يَسْعى مستأنفة.
أى: يدخلكم الله- بفضله وكرمه- جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يوم القيامة، يوم ينجى- سبحانه- النبي ﷺ وينجى الذين آمنوا معه من عذاب النار، ومن خزي هذا اليوم العصيب.
وهم جميعا وعلى رأسهم الرسول ﷺ نورهم وهم على الصراط، يسعى ويمتد وينتشر بَيْنَ أَيْدِيهِمْ.
أى أمامهم وَبِأَيْمانِهِمْ أى: وعن أيمانهم.
ويقولون- على سبيل الحمد والشكر لله- تعالى- يا ربنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا بأن تزيده ولا تنقصه حتى ندخل جنتك.
وَاغْفِرْ لَنا يا ربنا ذنوبنا إِنَّكَ يا ربنا، عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
وفي عطف الذين آمنوا على النبي ﷺ إشعار بأن سبب انتفاء خزيهم، هو إيمانهم الصادق، وعملهم الصالح، وصحبتهم الكريمة للنبي صلى الله عليه وسلم.
والضمير في قوله نُورُهُمْ يعود إلى النبي ﷺ والذين آمنوا معه.
وخص- سبحانه- الأمام واليمين بالذكر، لفضل هذين المكانين، إذ النور عند ما يكون من الأمام يستمتع الإنسان بمشاهدته، وعند ما يكون من جهة اليمين يزداد تفاؤلا وانشراحا به.
والتخصيص بذلك لا ينفى أن يكون النور محيطا بهم من كل جوانبهم، وهو نور حقيقى يكرم الله- تعالى- به عباده الصالحين.
وختموا دعاءهم بقولهم- كما حكى القرآن عنهم-: إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ للإشارة إلى أنهم كانوا على جانب كبير من رجاء تحقيق دعائهم، لأنهم يسألون ويدعون الله- تعالى- الذي لا يقف أمام قدرته شيء.
ثم أمر- سبحانه- نبيه ﷺ أن يجاهد الكفار والمنافقين جهادا كبيرا فقال:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ.
وخص النبي ﷺ بالأمر بالجهاد، مع أن الأمر به يشمل المؤمنين معه، لأنه ﷺ هو قائدهم ورائدهم.


الصفحة التالية
Icon