أى: وهيأنا لهؤلاء الشياطين في الآخرة- بعد إحراقهم في الدنيا بالشهب- عذاب النار المشتعلة المستعرة.
فالسعير- بزنة فعيل- اسم لأشد النار اشتعالا. يقال: سعر فلان النار- كمنع- إذا أوقدها بشدة.
وكان السعير عذابا للشياطين- مع أنهم مخلوقون من النار، لأن نار جهنم أشد من النار التي خلقوا منها، فإذا ألقوا فيها صارت عذابا لهم، إذ السعير أشد أنواع النار التهابا واشتعالا وإحراقا..
وقوله: وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ معطوف على ما قبله.
أى: هيأنا للشياطين عذاب السعير، وهيأنا- أيضا- للذين كفروا بربهم من الإنس عذاب جهنم، وبئس المصير عذاب جهنم.
ثم بين- سبحانه- أحوالهم الأليمة حينما يلقون جميعا في النار فقال: إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ...
والظرف «إذا» متعلق بقوله سَمِعُوا والشهيق: تردد النفس في الصدر بصعوبة وعناء..
أى: أن هؤلاء الكافرين بربهم، عند ما يلقون في النار، يسمعون لها صوتا فظيعا منكرا، وَهِيَ تَفُورُ أى: وحالها أنها تغلى بهم غليان المرجل بما فيه، إذ الفور: شدة الغليان، ويقال ذلك في النار إذا هاجت، وفي القدر إذا غلت..
تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ أى تكاد النار تتقطع وينفصل بعضها عن بعض، لشدة غضبها عليهم، والتهامها لهم، وتميز أصله تتميز فحذفت إحدى التاءين تخفيفا.
والغيظ أشد الغضب، والجملة في محل نصب على الحال، أو في محل رفع على أنها خبر لمبتدأ محذوف. أى: هي تكاد تتقطع من شدة غضبها عليهم..
وقوله:
كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها | كلام مستأنف لبيان حال أهلها. |
أى: في كل وقت وآن، يلقى بجماعة من الكافرين في النار، يسألهم خزنتها من الملائكة، سؤال تبكيت وتقريع، بقولهم: