وقال مكحول: اجتمعت أنا والزهري فتذاكرنا التيمم فقال الزهري: المسح إلى الآباط.
وقال ابن أبى الجهم: التيمم بضربة واحدة، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق وداود والطبري «١».
٩- ذكر المفسرون في سبب مشروعية التيمم روايات منها ما أخرجه البخاري عن عائشة- رضى الله عنها- قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره: حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي. فأقام رسول الله ﷺ على التماسه وأقام الناس معه. وليسوا على ماء. وليس معهم ماء. فأتى الناس إلى أبى بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟
أقامت برسول الله ﷺ وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر ورسول الله ﷺ واضع رأسه على فخذي قد نام. فقال: حبست رسول الله ﷺ والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت عائشة: فعاتبنى أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول. فجعل يطعننى بيده في خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله ﷺ على فخذي. فقام رسول الله ﷺ حتى أصبح على غير ماء. فأنزل الله آية التيمم. فتيمموا. فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبى بكر.
قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته».
قال الحافظ ابن كثير عند ذكره هنا لسبب مشروعية التيمم، وإنما ذكرنا ذلك هاهنا، لأن هذه الآية التي في النساء متقدمة في النزول على آية سورة المائدة وبيانه: أن هذه نزلت قبل تحريم الخمر. والخمر إنما حرم بعد أحد بيسير، في محاصرة النبي ﷺ لبنى النضير. وأما المائدة فإنها من آخر ما نزل ولا سيما صدرها. فناسب أن يذكر السبب هنا «٢»..
١٠- تكلم بعض العلماء عن حكمة مشروعية التيمم عوضا عن الطهارة بالماء فقال:
والتيمم من خصائص شريعة الإسلام كما في حديث جابر أن النبي ﷺ قال: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي- فذكر منها- وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا».
والتيمم بدل جعله الشرع عن الطهارة. ولم أر لأحد من العلماء بيانا في حكمة جعل التيمم عوضا عن الطهارة بالماء، وكان ذلك من همي زمنا طويلا وقت الطلب. ثم انفتح لي حكمة ذلك.
وأحسب أن حكمة تشريعه تقرير لزوم الطهارة في نفوس المؤمنين. وتقرير حرمة الصلاة
(٢) تفسير ابن كثير ج ١ ص ٥٠٦.