فقد أخرج ابن أبى الشيخ أن الآية نزلت فيهما، وقيل نزلت في عمار بن ياسر وأبى جهل، وقيل في حمزة وأبى جهل.
والذي نراه أن الآية عامة في كل من هداه الله إلى الإيمان بعد أن كان كافرا، وفي كل من بقي على ضلاله مؤثرا الكفر على الإيمان ويدخل في ذلك هؤلاء المذكورون دخولا أوليا.
ثم سلى الله- تعالى- نبيه ﷺ ببيان أن المترفين في كل زمان ومكان هم أعداء الإصلاح، وأن ما لقيه ﷺ من أكابر مكة ليس بدعا بل هو شيء رآه الأنبياء قبله على أيدى أمثال هؤلاء المترفين فقال- تعالى-:
[سورة الأنعام (٦) : الآيات ١٢٣ الى ١٢٦]
وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ (١٢٣) وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤) فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥) وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦)
أكابر: جمع أكبر، وهم الرؤساء والعظماء في الأمم. والمجرمون: جمع مجرم، من أجرم إذا اكتسب أمرا قبيحا، ومنه الجرم والجريمة للذنب والإثم.
والمعنى: وكما جعلنا في قريتك مكة رؤساء دعاة إلى الكفر وإلى عداوتك جعلنا في كل قرية


الصفحة التالية
Icon