الابتهاج بذكر الله- تعالى-» «١».
وقوله وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ معطوف على ما قبله. والتحية: التكرمة بالحال الجليلة، وأصلها أحياك الله حياة طيبة. والسلام: بمعنى السلامة من كل مكروه.
أى: دعاؤهم في الجنة أن يقولوا سبحانك اللهم. وتحيتهم التي يحيون بها هي السلامة من كل مكروه.
وهذه التحية تكون من الله- تعالى- لهم كما في قوله- سبحانه- تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ «٢».
وتكون من الملائكة كما في قوله- تعالى-: وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ. سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ «٣».
وتكون منهم فيما بينهم كما يتبادر من قوله- تعالى- لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً.. «٤».
وقوله: وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ أى: وختام دعائهم يكون بقولهم:
الحمد لله رب العالمين.
قال الإمام القرطبي ما ملخصه: «ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن التهليل والتسبيح والحمد قد يسمى دعاء».
روى الشيخان عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض، ورب العرش الكريم». قال الطبري: كان السلف يدعون بهذا الدعاء ويسمونه دعاء الكرب.
والذي يقطع النزاع ويثبت أن هذا يسمى دعاء، وإن لم يكن فيه من معنى الدعاء شيء، وإنما هو تعظيم لله- تعالى- وثناء عليه، ما رواه النسائي عن سعد بن أبى وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين، فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له».

(١) تفسير الفخر الرازي ج ١٧ ص ٤٣.
(٢) سورة الأحزاب الآية ٤٤.
(٣) سورة الرعد الآيتان ٢٤، ٢٥.
(٤) سورة مريم الآية ٦١.


الصفحة التالية
Icon