وبلوغهم فيه أقصى الغايات، لأنهم مع وضوح الشواهد على صدق الرسل، استمروا في جحودهم وظلمهم.
وقوله: وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا معطوف على ظَلَمُوا. أى: أهلكنا أهل القرون السابقين عليكم حين استمروا على ظلمهم، وحين علم الله- تعالى- منهم الإصرار على الكفر، فإهلاكهم كان بسبب مجموع هذين الأمرين.
وقوله: كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ تذييل قصد به التهديد والوعيد.
أى: مثل ذلك الجزاء الأليم وهو إهلاك الظالمين، نجزى القوم المجرمين في كل زمان ومكان.
وقوله- سبحانه-: ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ معطوف على قوله أَهْلَكْنَا.
والخلائف جمع خليفة. وهو كل من يخلف غيره ويأتى من بعده.
أى: ثم جعلناكم أيها المكلفون باتباع النبي ﷺ خلفاء في الأرض من بعد أولئك الأقوام المهلكين لنرى ونشاهد ونعلم أى عمل تعملون في خلافتكم فنجازيكم على ذلك بالجزاء المناسب الذي تقتضيه حكمتنا وإرادتنا، وكَيْفَ مفعول مطلق ل تَعْمَلُونَ لا لِنَنْظُرَ لأن الاستفهام له الصدارة، فلا يعمل فيه ما قبله.
قال الآلوسى: واستعمال النظر بمعنى العلم مجاز، حيث شبه بنظر الناظر. وعيان المعاين في تحققه. والمراد نعاملكم معاملة من يطلب العلم بأعمالكم ليجازيكم بحسبها، كقوله- تعالى- لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «١».
قال قتادة: صدق الله ربنا، ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا، بالليل والنهار.
ثم حكى- سبحانه- بعض المقترحات الفاسدة التي اقترحها المشركون على النبي ﷺ ورد عليها بما يبطلها فقال- تعالى-: