وشبيه بهذه الآية في مدح القرآن الكريم قوله- تعالى-: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ «١».
وقوله- سبحانه-: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ.. «٢».
وقوله- عز وجل: وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «٣».
وقوله- تعالى-: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً «٤».
ثم شرع- سبحانه- في بيان وظيفة القرآن الكريم، بعد أن وصفه بالاستقامة والإحكام، فقال: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ....
والإنذار: الإعلام المقترن بتخويف وتهديد، فكل إنذار إعلام، ولبس كل إعلام إنذارا.
واللام في قوله لِيُنْذِرَ متعلقة بأنزل، والبأس: العذاب، وهو المفعول الثاني للفعل ينذر، ومفعوله الأول محذوف.
والمعنى: أنزل- سبحانه- على عبده الكتاب حالة كونه لم يجعل له عوجا بل جعله مستقيما، لينذر الذين كفروا عذابا شديدا، صادرا من عنده- تعالى-.
والتعبير بقوله مِنْ لَدُنْهُ يشعر بأنه عذاب ليس له دافع، لأنه من عند الله تعالى- القاهر فوق عباده.
أما وظيفة القرآن بالنسبة للمؤمنين، فقد بينها- سبحانه- بعد ذلك في قوله: وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ. أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً. ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً.
أى: أنزل الله هذا القرآن، ليخوف به الكافرين من عذابه، وليبشر به المؤمنين الذين يعملون الأعمال الصالحات، أن لهم من خالقهم- عز وجل- أجرا حسنا هو الجنة ونعيمها، ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً أى: مقيمين فيه إقامة باقية دائمة لا انتهاء لها، فالضمير في قوله فِيهِ يعود إلى الأجر الذي يراد به الجنة.
(٢) سورة الإسراء الآية ٩.
(٣) سورة الزمر الآية ٢٧، ٢٨. [.....]
(٤) سورة النساء الآية ٨٢.