وَقَالَ رُؤْبَةُ:

وَفِي أَخَادِيدِ السِّيَاطِ الْمُتَّنِ شَافٍ لِبَغْيِ الْكَلْبِ الْمُشَيْطَنِ
وَوَزْنُهُ فَعْلَانُ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ، وَنُونُهُ زَائِدَةٌ مِنْ شَاطَ يَشِيطُ إِذَا هَلَكَ، قَالَ الشَّاعِرَ:
قَدْ تَظْفَرُ الْعِيرُ فِي مَكْنُونِ قَائِلَةٍ وَقَدْ تَشْطُو عَلَى أَرْمَاحِنَا الْبَطَلُ
وَالشَّيْطَانُ كُلُّ مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالدَّوَابِّ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأُنْثَاهُ شَيْطَانَةٌ، قَالَ الشَّاعِرُ:
هِيَ الْبَازِلُ الْكَوْمَاءُ لَا شَيْءَ غَيْرُهَا وَشَيْطَانَةٌ قَدْ جُنَّ مِنْهَا جُنُونُهَا
وَشَيَاطِينُ: مع شَيْطَانَ، نَحْوُ غَرَاثِينَ فِي جَمْعٍ غَرْثَانَ، وَحَكَاهُ الْفَرَّاءُ، وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ نُونَهُ زَائِدَةٌ تَكُونُ نَحْوَ: غَرْثَانَ، مَعَ اسْمٍ مَعْنَاهُ الصُّحْبَةُ اللَّائِقَةُ بِالْمَذْكُورِ، وَتَسْكِينُهَا قَبْلَ حَرَكَةٍ لُغَةُ رَبِيعَةَ وَغَنْمٍ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ. وَإِذَا سَكَنَتْ فَالْأَصَحُّ أَنَّهَا اسْمٌ، وإذ ألقيت أَلِفَ اللَّامِ أَوْ أَلِفَ الْوَصْلِ، فَالْفَتْحُ لُغَةُ عَامَّةِ الْعَرَبِ، وَالْكَسْرُ لُغَةُ رَبِيعَةَ، وَتَوْجِيهُ اللُّغَتَيْنِ فِي النَّحْوِ، وَيُسْتَعْمَلُ ظَرْفَ مَكَانٍ فَيَقَعُ خَبَرًا عَنِ الْجُثَّةِ وَالْأَحْدَاثِ، وَإِذَا أُفْرِدَ نُوِّنَ مَفْتُوحًا، وَهِيَ ثُلَاثِيُّ الْأَصْلِ مِنْ بَابِ الْمَقْصُورِ، إِذْ ذَاكَ لَا مِنْ بَابِ يَدٍ، خِلَافًا لِيُونُسَ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِ مَعًا حَالٌ، نَحْوُ: جَمِيعًا، وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ جَمِيعٍ لِأَنَّهَا تُشْرِكُ فِي الزَّمَانِ نَصًّا، وَجَمِيعُ تَحْتَمِلُهُ.
وَقَدْ سَأَلَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى أَحْمَدَ بْنَ قَادِمٍ عَنِ الْفَرْقِ بَيْنَ. قَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ مَعًا، وَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ وَزَيْدٌ جَمِيعًا، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ يَرْكُضُ فِيهَا إِلَى اللَّيْلِ، وَفَرَّقَ ابْنُ يَحْيَى: بِأَنَّ جَمِيعًا يَكُونُ الْقِيَامُ فِي وَقْتَيْنِ وَفِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا إِذَا قُلْتَ: مَعًا، فَيَكُونُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
الِاسْتِهْزَاءُ: الِاسْتِخْفَافُ وَالسُّخْرِيَةُ، وَهُوَ اسْتَفْعَلَ بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ، وَهُوَ فَعَلَ، تَقُولُ:
هَزَأْتُ بِهِ وَاسْتَهْزَأْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، مِثْلُ اسْتَعْجَبَ: بِمَعْنَى عَجِبَ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي الَّتِي جَاءَتْ لَهَا اسْتَفْعَلَ.
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ الْمَدُّ: التَّطْوِيلُ، مَدَّ الشَّيْءَ:
طَوَّلَهُ وَبَسَطَهُ، أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ «١»، وَأَصْلُ الْمَدِّ: الزِّيَادَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ دَخَلَ فِي شَيْءٍ فَكَثَّرَهُ فَقَدْ مَدَّهُ، قَالَهُ اللِّحْيَانِيُّ. وَأَمَدَّ بِمَعْنَى مَدَّ، مَدَّ الْجَيْشَ، وَأَمَدَّهُ: زَادَهُ وَأَلْحَقَ بِهِ مَا يُقَوِّيهِ مِنْ جِنْسِهِ. وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَدَّ زَادَ مِنَ الْجِنْسِ، وَأَمَدَّ: زَادَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. وَقَالَ يُونُسُ: مَدَّ فِي الْخَيْرِ وَأَمَدَّ فِي الشَّرِّ. انْتَهَى قَوْلُهُ. وَيُقَالُ: مدّ النهر وأمدّه.
(١) سورة الفرقان: ٢٥/ ٤٥.


الصفحة التالية
Icon