يَقُولُونَ لِي أَرْضُ الْحِجَازِ حديثة | فَقُلْتُ وَمَا لِي فِي سِوَى الْأَرْضِ مَطْلَبُ |
وَخِطَابُ اللَّهِ الْمَلَائِكَةَ بِقَوْلِهِ: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً إِنْ كَانَ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ حَارَبُوا مَعَ إِبْلِيسَ الْجِنَّ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَامَّا بِأَنَّهُ رَافِعُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ وَمُسْتَخْلَفٌ فِي الْأَرْضِ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ. وَرُوِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَا مُلَخَّصُهُ: أَنَّ اللَّهَ أَسْكَنَ الْمَلَائِكَةَ السَّمَاءَ، وَالْجِنَّ الْأَرْضَ، فَعَبَدُوا دَهْرًا طَوِيلًا ثُمَّ أَفْسَدُوا وَحَسَدُوا، فَاقْتَتَلُوا، فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ جُنْدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ رَأَسَهُمْ إِبْلِيسُ، وَكَانَ أَشَدَّهُمْ وَأَعْلَمَهُمْ، فَهَبَطُوا الْأَرْضَ وَطَرَدُوا الْجِنَّ إِلَى شَعَفِ الْجِبَالِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَجَزَائِرِ الْبُحُورِ وَسَكَنُوهَا، وَخَفَّفَ عَنْهُمُ الْعِبَادَةَ، وَأَعْطَى اللَّهُ إِبْلِيسَ مُلْكَ الْأَرْضِ وَمُلْكَ سَمَاءِ الدُّنْيَا وَخِزَانَةَ الْجَنَّةِ، فَكَانَ يَعْبُدُ تَارَةً فِي الْأَرْضِ وَتَارَةً فِي الْجَنَّةِ، فَدَخَلَهُ الْعُجْبُ وَقَالَ فِي نَفْسِهِ: مَا أَعْطَانِي اللَّهُ هَذَا إِلَّا أَنِّي أَكْرَمُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِ. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَلِجُنُودِهِ: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً بَدَلًا مِنْكُمْ وَرَافِعُكُمْ إِلَيَّ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْوَنَ الْمَلَائِكَةِ عِبَادَةً، وَقَالُوا: أَتَجْعَلُ الْآيَةَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَلَائِكَةُ، جَمِيعَ الْمَلَائِكَةِ. فَسَبَبُ الْقَوْلِ: إِرَادَةُ اللَّهِ أَنْ يُطْلِعَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ عَلَى مَا فِي نَفْسِ إِبْلِيسَ مِنَ الْكِبْرِ وَأَنْ يُظْهِرَ مَا سَبَقَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِهِ.
(١) سورة الأنعام: ٦/ ١٦٥.
(٢) سورة النور: ٢٤/ ٥٥.
(٢) سورة النور: ٢٤/ ٥٥.