فِي الْجِرْمِ وَفِي الْقَدْرِ، وَيُقَالُ: كَبُرَ عَلَيَّ كَذَا، أَيْ شَقَّ، وَكَبُرَ يَكْبُرُ، فَهُوَ كَبِيرٌ مِنَ السِّنِّ. قَالَ الشَّاعِرُ:
صَغِيرَيْنِ نَرْعَى البهم يا ليت أننا | إلى اليوم لم نكبر وَلَمْ يَكْبُرِ الْبَهْمُ |
وَقَالَ اللَّيْثُ: الْخُضُوعُ فِي الْبَدَنِ، وَالْخُشُوعُ فِي الْبَدَنِ وَالْبَصَرِ وَالصَّوْتِ، وَالْخُشْعَةُ: الرَّمْلَةُ الْمُتَطَامِنَةُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَتِ الْكَعْبَةُ خُشْعَةً عَلَى الْمَاءِ».
الظَّنُّ: تَرْجِيحُ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَهُوَ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ النَّحْوِيُّونَ بِالشَّكِّ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى التَّيَقُّنِ. وَفِي كِلَا الِاسْتِعْمَالَيْنِ يَدْخُلُ عَلَى مَا أَصْلُهُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ، خِلَافًا لِأَبِي زَيْدٍ السُّهَيْلِيِّ، إِذْ زَعَمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ نَوَاسِخِ الِابْتِدَاءِ. وَالظَّنُّ أَيْضًا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى:
التُّهْمَةِ، فَيَتَعَدَّى إِذْ ذَاكَ لِوَاحِدٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ: الظَّنُّ يَقَعُ بِمَعْنَى الْكَذِبِ، وَالْبَصْرِيُّونَ لَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ.
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ الْهَمْزَةُ: لِلِاسْتِفْهَامِ وَضْعًا، وَشَابَهَا هُنَا التَّوْبِيخُ وَالتَّقْرِيعُ لِأَنَّ الْمَعْنَى: الْإِنْكَارُ، وعليهم توبيخهم عَلَى أَنْ يَأْمُرَ الشَّخْصُ بِخَيْرٍ، وَيَتْرُكَ نَفْسَهُ وَنَظِيرُهُ فِي النَّهْيِ، قَوْلُ أَبِي الْأَسْوَدِ:
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ | عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ |
وَابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا | فَإِنِ انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ |
وَفِي تَفْسِيرِ الْبِرِّ هُنَا أَقْوَالٌ: الثَّبَاتُ عَلَى دِينِ رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ لَا يَتَّبِعُونَهُ، أَوِ اتِّبَاعُ التَّوْرَاةِ وَهُمْ يُخَالِفُونَهَا فِي جَحْدِهُمْ صِفَتَهُ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالسُّدِّيِّ: أَوْ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَبْخَلُونَ، أَوْ عَلَى الصِّدْقِ وَهُمْ لَا يَصْدُقُونَ، أَوْ حَضُّ أَصْحَابِهِمْ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَلَا يَأْتُونَهُمَا. وَقَالَ السُّلَمِيُّ: أَتُطَالِبُونَ النَّاسَ بِحَقَائِقِ الْمَعَانِي وَأَنْتُمْ قُلُوبُكُمْ خَالِيَةٌ عَنْ ظَوَاهِرِ رُسُومِهَا؟ وَقَالَ الْقُشَيْرِيُّ: أَتُحَرِّضُونَ النَّاسَ عَلَى الْبِدَارِ وَتَرْضَوْنَ بِالتَّخَلُّفِ؟ وَقَالَ: أَتَدْعُونَ الْخَلْقَ إِلَيْنَا وَتَقْعُدُونَ عَنَّا؟ وَأَلْفَاظًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى. وَأَتَى بِالْمُضَارِعِ فِي: أَتَأْمُرُونَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَوَاضِعِ: الدَّيْمُومَةُ وَكَثْرَةُ التَّلَبُّسِ بِالْفِعْلِ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: زَيْدٌ يُعْطِي وَيَمْنَعُ، وَعَبَّرَ عَنْ تَرْكِ فِعْلِهِمْ بِالنِّسْيَانِ مُبَالَغَةً فِي