الْوَاوُ دُونَ سَائِرِ حُرُوفِ الْعَطْفِ، وَكَانَ أُسْتَاذُنَا الْعَلَّامَةُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم بن الزبير الثقفي يَذْكُرُ لَنَا هَذَا النَّحْوَ مِنَ الْعَطْفِ، وَأَنَّهُ يُسَمَّى بِالتَّجْرِيدِ، كَأَنَّهُ جُرِّدَ مِنَ الْجُمْلَةِ وَأُفْرِدَ بِالذِّكْرِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْضِيلِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَكُرُّ عَلَيْهِمْ دَعْلَجًا وَلَبَانُهُ | إِذَا مَا اشْتَكَى وَقْعَ الْقَنَاةِ تَحَمْحَمَا |
وَاتَّقُوا يَوْماً أَمْرٌ بِالِاتِّقَاءِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا بِذِكْرِ النِّعَمِ وَتَفْضِيلِهِمْ نَاسَبَ أَنَّ مَنْ أُنْعِمَ عَلَيْهِ وَفُضِّلَ يَكُونُ مُحَصِّلًا لِلتَّقْوَى. فَأُمِرُوا بِالْإِدَامَةِ عَلَى التَّقْوَى، أَوْ بِتَحْصِيلِ التَّقْوَى، إِنْ عَرَضَ لَهُمْ خَلَلٌ وَانْتِصَابٌ يَوْمًا، إِمَّا عَلَى الظَّرْفِ وَالْمُتَّقَى مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ: اتَّقُوا الْعَذَابَ يَوْمًا، وَإِمَّا عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ اتِّسَاعًا أَوْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ عَذَابَ يَوْمٍ، أَوْ هَوْلَ يَوْمٍ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ: جِيئُوا مُتَّقِينَ، وَكَأَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَمْ يَلْحَظْ مُتَعَلِّقَ الِاتِّقَاءِ، فَإِذْ ذَاكَ يَنْتَصِبُ يَوْمًا عَلَى الظَّرْفِ. قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: الْعَوَامُّ خَوَّفَهُمْ بِعَذَابِهِ، فَقَالَ: وَاتَّقُوا يَوْماً، وَاتَّقُوا النَّارَ «٣». وَالْخَوَاصُّ خَوَّفَهُمْ بِصِفَاتِهِ، فَقَالَ: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ «٤»، وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ الْآيَةَ. وَخَوَاصُّ الْخَوَاصِّ خَوَّفَهُمْ بنفسه، فقال:
(١) سورة آل عمران: ٣/ ١١٠.
(٢) سورة يونس: ١٠/ ٥٨.
(٣) سورة البقرة: ٢/ ٤٨.
(٤) سورة التوبة: ٩/ ١٠٥.
(٢) سورة يونس: ١٠/ ٥٨.
(٣) سورة البقرة: ٢/ ٤٨.
(٤) سورة التوبة: ٩/ ١٠٥.