وللمرأء هَاءِ بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ مِنْ غَيْرِ يَاءٍ، وَلِلنِّسَاءِ هَاؤُنَّ. قِيلَ: وَمَعْنَى هَاؤُمُ: خُذُوا، وَمِنْهُ الْخَبَرُ فِي الرِّبَا إِلَّا هَاءً وَهَاءً: أَيْ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ خُذْ. وَقِيلَ: تَعَالَوْا، وَزَعَمَ الْقُتَبِيُّ أَنَّ الْهَمْزَةَ بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ إِلَّا إِنْ كَانَ عَنَى أَنَّهَا تَحُلُّ مَحَلَّهَا فِي لُغَةِ مَنْ قَالَ:
هَاكَ وَهَاكَ وَهَاكُمَا وَهَاكُمْ وَهَاكُنَّ، فَيُمْكِنُ أَنَّهُ بَدَلٌ صِنَاعِيٌّ، لِأَنَّ الْكَافَ لَا تُبْدَلُ مِنَ الْهَمْزَةِ وَلَا الْهَمْزَةُ مِنْهَا. وَقِيلَ: هَاؤُمُ كَلِمَةٌ وُضِعَتْ لِإِجَابَةِ الدَّاعِي عِنْدَ الْفَرَحِ وَالنَّشَاطِ.
وَفِي الْحَدِيثِ، أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَادَاهُ أَعْرَابِيٌّ بِصَوْتٍ عَالٍ، فَجَاوَبَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «هَاؤُمُ»، بِصَوْلَةِ صَوْتِهِ.
وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهَا مُرَكَّبَةٌ فِي الْأَصْلِ، وَالْأَصْلُ هَاءَ أَمُّوا، ثُمَّ نَقَلَهُ التَّخْفِيفُ وَالِاسْتِعْمَالُ. وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّ هَذِهِ الْمِيمَ ضَمِيرُ جَمَاعَةِ الذُّكُورِ. الْقُطُوفُ جُمِعَ قِطْفٍ: وَهُوَ مَا يُجْتَنَى مِنَ الثَّمَرِ وَيُقْطَفُ. السِّلْسِلَةُ مَعْرُوفَةٌ، وَهِيَ حِلَقٌ يَدْخُلُ فِي حِلَقٍ عَلَى سَبِيلِ الطُّولِ. الذِّرَاعُ مُؤَنَّثٌ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

أَرْمِي عَلَيْهَا وَهِيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ وَهِيَ ثَلَاثُ أَذْرُعٍ وَأُصْبُعُ
حَضَّ عَلَى الشَّيْءِ: حَمَلَ عَلَى فِعْلِهِ بِتَوْكِيدٍ. الْغِسْلِينُ، قَالَ اللُّغَوِيُّونَ: مَا يَجْرِي مِنَ الْجِرَاحِ إِذَا غُسِلَتْ. الْوَتِينُ: عِرْقٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْقَلْبُ، إِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ:
عِرْقٌ بَيْنَ الْعِلْبَاءِ وَالْحُلْقُومِ، وَالْعِلْبَاءُ: عَصَبُ الْعُنُقِ، وَهُمَا عِلْبَاوَانِ بَيْنَهُمَا الْعِرْقُ. وَقِيلَ:
عِرْقٌ غَلِيظٌ تُصَادِفُهُ شَفْرَةُ النَّاحِرِ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
إِذَا بَلَّغْتِنِي وَحَمَلْتِ رَحْلِي عَرَابَةَ فَاشْرَقِي بِدَمِ الْوَتِينِ
الْحَاقَّةُ، مَا الْحَاقَّةُ، وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ، كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ، فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ، وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ، فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ، وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ، فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً، إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ، لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ، فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ، وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً، فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ، وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ، وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ شَيْئًا مِنْ أَحْوَالِ السُّعَدَاءِ


الصفحة التالية
Icon