الْأَطْوَارُ: الْأَحْوَالُ الْمُخْتَلِفَةُ، قَالَ:
فَإِنً أَفَاقَ فَقَدْ طَارَتْ عَمَايَتُهُ | وَالْمَرْءُ يُخْلَقُ طَوْرًا بَعْدَ أَطْوَارِ |
إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ، قالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ، يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ، قالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهاراً، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً، وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً، ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً، فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً، مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً.
هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا: أَنَّهُ تَعَالَى لما أَقْسَمَ عَلَى أَنْ يُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ، وَكَانُوا قَدْ سَخِرُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَّبُوا بِمَا وُعِدُوا بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، ذَكَرَ قِصَّةَ نُوحٍ وَقَوْمِهِ مَعَهُ، وَكَانُوا أَشَدَّ تَمَرُّدًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ أَخْذَ اسْتِئْصَالٍ حَتَّى أَنَّهُ لَمْ يُبْقِ لَهُمْ نَسْلًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَكَانُوا عُبَّادَ أَصْنَامٍ كَمُشْرِكِي مَكَّةَ، فَحَذَّرَ تَعَالَى قُرَيْشًا أَنْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ يَسْتَأْصِلُهُمْ إن لم يؤمنوا. وَنُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ نَبِيٍّ أُرْسِلَ، وَيُقَالُ لَهُ شَيْخُ المرسلين، وآدم الثَّانِي، وَهُوَ نُوحُ بْنُ لَامَكَ بْنِ مَتُّوشَلَخَ بْنِ خَنُوخَ، وَهُوَ إِدْرِيسُ بْنُ بُرْدِ بْنِ مَهَلَايِيلَ بْنِ أَنُوشِ بْنِ قَيْنَانَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ: يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْ مَصْدَرِيَّةً وَأَنْ تَكُونَ تَفْسِيرِيَّةً. عَذابٌ أَلِيمٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَذَابُ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الطُّوفَانِ. مِنْ ذُنُوبِكُمْ: مِنْ لِلتَّبْعِيضِ، لِأَنَّ الْإِيمَانَ إِنَّمَا