ذِلَّةٌ
«١». انْتَهَى. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بَخْساً بِسُكُونِ الْخَاءِ وَابْنُ وَثَّابٍ: بِفَتْحِهَا. وَمِنَّا الْقاسِطُونَ: أَيِ الْكَافِرُونَ الْجَائِرُونَ عَنِ الْحَقِّ. قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: وَأَلْبَأْسَ الْقَاسِطَ:
الظَّالِمَ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
قَوْمٌ هُمُ قَتَلُوا ابْنَ هِنْدٍ عُنْوَةً | وَهُمُو أَقْسَطُوا عَلَى النُّعْمَانِ |
انْتَهَى، وَفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزَالِ فِي قَوْلِهِ وَمُوجِبِهِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً، لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً، وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً، قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً، قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً، قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً، إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً، حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً، قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً، عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً، إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً، لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً.
هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُوحَى الْمُنْدَرِجِ تَحْتَ أُوحِيَ إِلَيَّ، وَأَنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَالضَّمِيرُ فِي اسْتَقامُوا، قَالَ الضَّحَّاكُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَأَبُو مِجْلِزٍ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَمَنْ أَسْلَمَ، وَالطَّرِيقَةُ: طَرِيقَةُ الْكُفْرِ، أَيْ لَوْ كَفَرَ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ النَّاسِ لَأَسْقَيْناهُمْ إِمْلَاءً لَهُمْ وَاسْتِدْرَاجًا وَاسْتِعَارَةُ، الِاسْتِقَامَةِ لِلْكُفْرِ قَلِقَةٌ لَا تُنَاسِبُ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْقَاسِطِينَ، وَالْمَعْنَى عَلَى الطَّرِيقَةِ الْإِسْلَامُ وَالْحَقُّ، لَأَنْعَمْنَا عَلَيْهِمْ، نَحْوُ قَوْلِهِ: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا «٢». وقيل: الضمير
(١) سورة القلم: ٦٨/ ٤٣، وسورة المعارج: ٧٠/ ٤٤.
(٢) سورة المائدة: ٥/ ٦٥.
(٢) سورة المائدة: ٥/ ٦٥.