أَمْرٌ، قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ تَكْرَارًا أو بيان لِلْمُنْطَلَقِ إِلَيْهِ. وَقَرَأَ رُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ: بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى مَعْنَى الْخَبَرِ، كَأَنَّهُمْ لَمَّا أُمِرُوا امْتَثَلُوا فَانْطَلَقُوا، إِذْ لَا يُمْكِنُهُمُ التَّأْخِيرُ، إِذْ صَارُوا مُضْطَرِّينَ إِلَى الِانْطِلَاقِ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ، قَالَ عَطَاءٌ: هُوَ دُخَانُ جَهَنَّمَ. وَرُوِيَ أَنَّهُ يَعْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ، يَظُنُّ الْكُفَّارُ أَنَّهُ مُغْنٍ مِنَ النَّارِ، فَيُهْرَعُونَ إِلَيْهِ فَيَجِدُونَهُ عَلَى أَسْوَأِ وَصْفٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُقَالُ ذَلِكَ لِعَبَدَةِ الصَّلِيبِ. فَالْمُؤْمِنُونَ فِي ظِلِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُمْ فِي ظِلِّ مَعْبُودِهِمْ وَهُوَ الصَّلِيبُ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ، وَالشِّعْبُ: مَا تَفَرَّقَ مِنْ جِسْمٍ وَاحِدٍ. لَا ظَلِيلٍ: نَفْيٌ لِمَحَاسِنِ الظِّلِّ، وَلا يُغْنِي: أَيْ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ حَرِّ اللَّهَبِ شَيْئًا. إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ: الضَّمِيرُ فِي إِنَّهَا لِجَهَنَّمَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِشَرَرٍ، وَعِيسَى: بِشَرَارٍ بِأَلِفٍ بَيْنَ الرَّاءَيْنِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ مِقْسَمٍ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ كَسَرَ الشِّينَ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ شَرَرٍ، أَيْ بِشِرَارٍ مِنَ الْعَذَابِ، وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً أُقِيمَتْ مَقَامَ مَوْصُوفِهَا، أَيْ بِشِرَارٍ مِنَ النَّاسِ، كَمَا تَقُولُ: قَوْمٌ شِرَارٌ جَمْعُ شَرٍّ غَيْرُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ، وَقَوْمٌ خِيَارٌ جَمْعُ خَيْرٍ غَيْرُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ وَيُؤَنَّثُ هَذَا فَيُقَالُ لِلْمُؤَنَّثِ شَرَّةٌ وَخَيْرَةٌ بِخِلَافِهِمَا، إِذَا كَانَا لِلتَّفْضِيلِ، فَلَهُمَا أَحْكَامٌ مَذْكُورَةٌ فِي النَّحْوِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: كَالْقَصْرِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ ومجاهد وَالْحَسَنُ وَابْنُ مِقْسَمٍ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَالصَّادِ وَابْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا وَالْحَسَنُ أَيْضًا: كَالْقِصَرِ، بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَبَعْضُ الْقُرَّاءِ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَابْنُ مَسْعُودٍ: بِضَمِّهِمَا، كَأَنَّهُ مَقْصُورٌ مِنَ الْقُصُورِ، كَمَا قَصَرُوا النَّجْمَ وَالنَّمِرَ مِنَ النُّجُومِ وَالنُّمُورِ، قَالَ الرَّاجِزُ:
فِيهَا عَنَابِيلُ أُسُودٌ وَنَمِرُ وَتَقَدَّمَ شَرْحُ أَكْثَرِ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ فِي الْمُفْرَدَاتِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ، وَمِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: جِمَالَاتٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ، جَمْعُ جِمَالٍ جَمْعُ الْجَمْعِ وَهِيَ الْإِبِلُ، كَقَوْلِهِمْ: رِجَالَاتُ قُرَيْشٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ: بِخِلَافٍ عَنْهُمْ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُمْ ضَمُّوا الْجِيمَ، وَهِيَ جُمَالُ السُّفُنِ، الْوَاحِدُ مِنْهَا جُمْلَةٌ لِكَوْنِهِ جُمْلَةً مِنَ الطَّاقَاتِ وَالْقُوَى، ثُمَّ جُمِعَ عَلَى جُمَلٍ وَجِمَالٍ، ثُمَّ جُمِعَ جُمَالٌ ثَانِيًا جَمْعُ صِحَّةٍ فَقَالُوا: جُمَالَاتٌ. وَقِيلَ: الْجِمَالَاتُ: قُلُوصُ الْجُسُورِ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَأَبُو عَمْرٍو فِي رِوَايَةٍ الْأَصْمَعِيِّ، وَهَارُونُ عَنْهُ: جِمَالَةٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ، لَحِقَتْ جِمَالًا التَّاءُ لِتَأْنِيثِ الْجَمْعِ، كَحَجَرٍ وَحِجَارَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّلَمِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو حَيْوَةَ وأبو نحرية وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَرُوَيْسٌ: كَذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُمْ ضَمُّوا الْجِيمَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ:
الْجِمَالَاتُ: قُلُوصُ السُّفُنِ، وَهِيَ حِبَالُهُ الْعِظَامُ، إِذَا اجْتَمَعَتْ مُسْتَدِيرَةً بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ