غَيْرَ مُدْغَمٍ، وَفِيهِ أَيْضًا: وَقَرَأَ نَافِعٌ أَيْضًا بِالْإِدْغَامِ وَالْإِمَالَةِ. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: اللَّامُ مَعَ الرَّاءِ نَحْوَ: أَسْفَلُ رَحِمِهِ الْبَيَانُ وَالْإِدْغَامُ حَسَنَانِ. وقال الزمخشري: وقرى بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ، وَبِالْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامُ أَجْوَدُ، وَأُمِيلَتِ الْأَلِفُ وَفُخِّمَتْ. انْتَهَى. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: فَإِذَا كَانَتْ، يَعْنِي اللَّامَ، غَيْرَ لَامِ الْمَعْرِفَةِ، نَحْوَ لَامِ هَلْ وَبَلْ، فَإِنَّ الْإِدْغَامَ فِي بَعْضِهَا أَحْسَنُ، وَذَلِكَ نَحْوُ:
هَلْ رَأَيْتَ؟ فَإِنْ لَمْ تُدْغِمْ فَقُلْتَ: هَلْ رَأَيْتَ؟ فَهِيَ لُغَةٌ لِأَهْلِ الْحِجَازِ، وَهِيَ غَرِيبَةٌ جَائِزَةٌ.
انْتَهَى. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ: هُوَ الذَّنْبُ عَلَى الذَّنْبِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: حَتَّى يَمُوتَ قَلْبُهُ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: حَتَّى يَسْوَدَّ الْقَلْبُ. وَفِي الْحَدِيثِ نَحْوٌ مِنْ هَذَا. فَقَالَ الْكَلْبِيُّ: طَبَعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ سَلَّامٍ: غَطَّى. مَا كانُوا يَكْسِبُونَ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَعَلَّقَ اللَّوْمَ بِهِمْ فِيمَا كَسَبُوهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِخَلْقٍ مِنْهُ تَعَالَى وَاخْتِرَاعٍ، لِأَنَّ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ مُتَعَلِّقَانِ بِكَسْبِ الْعَبْدِ. وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُمْ لِلْكُفَّارِ. فَمَنْ قَالَ بِالرُّؤْيَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ السُّنَّةِ، قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَرَوْنَ رَبَّهُمْ، فَهُمْ مَحْجُوبُونَ عَنْهُ. وَاحْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَالِكٌ عَلَى سَبِيلِهِ الرُّؤْيَةُ مِنْ جِهَةِ دَلِيلِ الْخِطَابِ، وَإِلَّا فَلَوْ حَجَبَ الْكُلَّ لَمَا أَغْنَى هَذَا التَّخْصِيصُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَمَّا حَجَبَ قَوْمًا بِالسُّخْطِ، دَلَّ عَلَى أَنْ قَوْمًا يَرَوْنَهُ بِالرِّضَا. وَمَنْ قَالَ بِأَنْ لَا رُؤْيَةَ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، قَالَ: إِنَّهُمْ يُحْجَبُونَ عَنْ رَبِّهِمْ وَغُفْرَانِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: لَمَّا حَجَبَ أَعْدَاءَهُ فَلَمْ يَرَوْهُ، تَجَلَّى لِأَوْلِيَائِهِ حَتَّى رَأَوْهُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَلَّا رَدْعٌ عَنِ الْكَسْبِ الراثن عَلَى قُلُوبِهِمْ، وَكَوْنُهُمْ مَحْجُوبِينَ عَنْهُ تَمْثِيلٌ لِلِاسْتِخْفَافِ بِهِمْ وَإِهَانَتِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْذَنُ عَلَى الْمُلُوكِ إِلَّا لِلْوُجَهَاءِ الْمُكَرَّمِينَ لَدَيْهِمْ، وَلَا يُحْجَبُ عَنْهُمْ إِلَّا الْأَدْنِيَاءُ الْمُهَانُونَ عِنْدَهُمْ.
قَالَ الشَّاعِرُ:
إِذَا اعْتَرَوْا بَابَ ذِي عَيْبَةٍ رُحِّبُوا | وَالنَّاسُ مَا بَيْنَ مَرْحُوبٍ وَمَحْجُوبِ |