وَالْأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: بِإِسْكَانِ الْبَاءِ
وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ: بِشَدِّ اللَّامِ.
وَرُوِيَتْ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَأَبِي جَعْفَرٍ وَالْكِسَائِيِّ وَقَالُوا: إِنَّهَا السَّحَابُ، عَنْ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ:
خَصَّ الْإِبِلَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهَا تَأْكُلُ النَّوَى وَالْقَتَّ وَتُخْرِجُ اللَّبَنَ، فَقِيلَ لَهُ: الْفِيلُ أَعْظَمُ فِي الْأُعْجُوبَةِ، وَقَالَ الْعَرَبُ: بَعِيدَةُ الْعَهْدِ بِالْفِيلِ، ثُمَّ هُوَ خِنْزِيرٌ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَلَا يُرْكَبُ ظَهْرُهُ وَلَا يُحْلَبُ دَرُّهُ. وَالْإِبِلُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ، وَلِذَلِكَ إِذَا صُغِّرَ دَخَلَتْهُ التَّاءُ فَقَالُوا:
أُبَيْلَةٌ، وَقَالُوا فِي الْجَمْعِ: آبَالٌ. وَقَدِ اشْتَقُّوا مِنْ لَفْظِهِ فَقَالُوا: تَأَبَّلَ الرَّجُلُ، وَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا الْفِعْلِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ فَقَالُوا: مَا آبَلَ زَيْدًا. وَإِبْلٌ اسْمٌ جَاءَ عَلَى فِعْلٍ، وَلَمْ يَحْفَظْ سِيبَوَيْهِ مِمَّا جَاءَ عَلَى هذا الوزن غيره. وكيف خُلِقَتْ: جُمْلَةٌ اسْتِفْهَامِيَّةٌ فِي مَوْضِعِ الْبَدَلِ مِنِ الْإِبِلِ، وَيَنْظُرُونَ: تَعَدَّى إِلَى الْإِبِلِ بِوَاسِطَةِ إِلَى، وَإِلَى كَيْفَ خُلِقَتْ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيقِ، وَقَدْ تُبْدَلُ الْجُمْلَةُ وَفِيهَا الِاسْتِفْهَامُ مِنَ الِاسْمِ الَّذِي قَبْلَهَا كَقَوْلِهِمْ: عَرَفْتُ زَيْدًا أَبُو مَنْ هُوَ عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ، عَلَى أَنَّ الْعَرَبَ قَدْ أَدْخَلَتْ إِلَى عَلَى كَيْفَ، فَحَكَى أَنَّهُمْ قَالُوا: انْظُرْ إِلَى كَيْفَ يَصْنَعُ. وَكَيْفَ سُؤَالٌ عَنْ حَالٍ وَالْعَامِلُ فِيهَا خُلِقَتْ، وَإِذَا عُلِّقَ الْفِعْلُ عَنْ مَا فِيهِ الِاسْتِفْهَامُ، لَمْ يَبْقَ الِاسْتِفْهَامُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِالتَّذْكِرَةِ وَفِي غَيْرِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: خُلِقَتْ: رُفِعَتْ، نُصِبَتْ سُطِحَتْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ
وَعَلِيٌّ وَأَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ
، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيْ خَلَقْتُهَا، رَفَعْتُهَا، نَصَبْتُهَا رُفِعَتْ رَفْعًا بَعِيدَ الْمَدَى بِلَا عَمَدٍ، نُصِبَتْ نَصْبًا ثَابِتًا لَا تَمِيلُ وَلَا تَزُولُ سُطِحَتْ سَطْحًا حَتَّى صَارَتْ كَالْمِهَادِ لِلْمُتَقَلِّبِ عَلَيْهَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: سُطِحَتْ خَفِيفَةَ الطَّاءِ وَالْحَسَنُ وَهَارُونُ: بِشَدِّهَا. وَلَمَّا حَضَّهُمْ عَلَى النَّظَرِ، أَمَرَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِتَذْكِيرِهِمْ فَقَالَ: فَذَكِّرْ وَلَا يَهُمَّنَّكَ كَوْنُهُمْ لَا يَنْظُرُونَ. إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ «١». لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ: أَيْ بِمُسَلَّطٍ، كَقَوْلِهِ: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ «٢». وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِالصَّادِ وَكَسْرِ الطَّاءِ، وَابْنُ عَامِرٍ فِي رِوَايَةٍ، وَنُطَيْقٌ عَنْ قُنْبُلٍ، وَزَرْعَانُ عَنْ حَفْصٍ: بِالسِّينِ وَحَمْزَةُ فِي رِوَايَةٍ: بِإِشْمَامِ الزَّايِ وَهَارُونُ: بِفَتْحِ الطَّاءِ، وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ. وَسَيْطَرَ مُتَعَدٍّ عِنْدَهُمْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُ الْمُطَاوَعَةِ وَهُوَ تَسَطَّرَ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ إِلَّا مُسَيْطِرٌ وَمُهَيْمِنٌ وَمُبَيْطِرٌ وَمُبَيْقِرٌ، وَهِيَ أَسْمَاءُ فَاعِلِينَ مِنْ سَيْطَرَ وَهَيْمَنَ وَبَيْطَرَ. وَجَاءَ مُجَيْمِرٌ اسْمُ وَادٍ وَمُدَيْبِرٌ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا مُدَبِّرٌ وَمُجَمِّرٌ فَصُغِّرَا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: إِلَّا حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ فَقِيلَ مُتَّصِلٌ، أَيْ فَأَنْتَ مُسَيْطِرٌ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: مُتَّصِلٌ مِنْ فَذَكِّرْ،
(٢) سورة ق: ٥٠/ ٤٥.