الْمِيمِ، وَنَسَبَهَا النَّحْوِيُّونَ إِلَى مُجَاهِدٍ، وَقَدْ جَازَ رَفْعُ الْفِعْلِ بَعْدَ أَنْ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِي الشِّعْرِ. أَنْشَدَ الْفَرَّاءُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:
أَنْ تَهْبِطِينَ بِلَادَ قَوْ | مٍ يَرْتَعُونَ مِنَ الطلاح |
أن تقرءان عَلَى أَسْمَاءَ، وَيْحَكُمَا | مِنِّي السَّلَامَ، وَأَنْ لَا تُبْلِغَا أَحَدَا |
ترضى عَنِ اللَّهِ أَنَّ النَّاسَ قَدْ عَلِمُوا | أَنْ لَا يدانينا من خلقه بشر |
وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ الْمَوْلُودُ جِنْسٌ، وَاللَّامُ فِيهِ مَوْصُولَةٌ وُصِلَتْ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ وَ: أل، كمن، وَ: مَا، يَعُودُ الضَّمِيرُ عَلَى اللَّفْظِ مُفْرَدًا مُذَكَّرًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمَعْنَى بِحَسَبِ مَا تُرِيدُهُ مِنَ الْمَعْنَى مِنْ تَثْنِيَةٍ أَوْ جَمْعٍ أَوْ تَأْنِيثٍ، وَهُنَا عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى اللَّفْظِ، فَجَاءَ لَهُ. وَيَجُوزُ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنْ يَعُودَ عَلَى الْمَعْنَى، فَكَانَ يَكُونُ:
لَهُمْ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقْرَأْ بِهِ، وَالْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ هُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ، وَحُذِفَ الْفَاعِلُ، وهو: الوالدات، و: المفعول بِهِ وَهُوَ: الْأَوْلَادُ، وَأُقِيمَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مَقَامَ الفاعل، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ، أَعْنِي: أَنْ يُقَامَ الْجَارُّ مَقَامَ الْفَاعِلِ إِذَا حُذِفَ نَحْوَ:
مُرَّ بِزَيْدٍ.
وَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا فِيمَا حَرْفُ الْجَرِّ فِيهِ زَائِدٌ، نَحْوَ: مَا ضُرِبَ مِنْ أَحَدٍ، فَإِنْ كَانَ حَرْفُ الْجَرِّ غَيْرَ زَائِدٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْمُ الْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ.
وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ هَذَا الِاتِّفَاقِ فِي الَّذِي أُقِيمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ، فَذَهَبَ الْفَرَّاءُ إِلَى أَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ وَحْدَهُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، كَمَا أَنَّ: يَقُومُ مِنْ؟ زَيْدٌ يَقُومُ. فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَذَهَبَ الْكِسَائِيُّ