أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ
وَهُوَ: الزَّوْجُ، قَالَهُ عَلِيٌّ
، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ، وَشُرَيْحٌ رَجَعَ إِلَيْهِ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالضَّحَّاكُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
وَعَفْوُهُ أَنْ يُعْطِيَهَا الْمَهْرَ كُلَّهُ، وَرُوِيَ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ تَزَوَّجَ وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَأَكْمَلَ الصَّدَاقَ، وَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِالْعَفْوِ.
وَسُمِّيَ ذَلِكَ عَفْوًا إِمَّا عَلَى طَرِيقِ الْمُشَاكَلَةِ، لِأَنَّ قَبْلَهُ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنْ كَانُوا يَسُوقُونَ الْمَهْرَ عِنْدَ التَّزَوُّجِ، أَلَا تَرَى إِلَى
قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «فَأَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ»
يَعْنِي أَنْ يُصْدِقَهَا فَاطِمَةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَيْهَا، فَسَمَّى تَرْكَ أَخْذِهِمُ النِّصْفَ مِمَّا سَاقُوهُ عَفْوًا عَنْهُ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، والحسن، وعلقمة، وطاووس، وَالشَّعْبِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ، وَشُرَيْحٍ، وَأَبِي صَالِحٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ الْوَلِيُّ الَّذِي الْمَرْأَةُ فِي حِجْرِهِ، فَهُوَ: الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الَّتِي لَمْ تَمْلِكْ أَمْرَهَا، وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ وَجَوَّزَ شُرَيْحٌ عَفْوَ الْأَخِ عَنْ نِصْفِ الْمَهْرِ، وَقَالَ: أَنَا أَعْفُو عَنْ مُهُورِ بَنِي مُرَّةَ وَإِنْ كَرِهْنَ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ عَمًّا كَانَ أَوْ أَخًا أَوْ أَبًا، وَإِنْ كَرِهَتْ، وَيَكُونُ دُخُولُ.
أَوْ: هُنَا لِلتَّنْوِيعِ فِي الْعَفْوِ، إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ إِنْ كُنَّ مِمَّنْ يَصِحُّ الْعَفْوُ مِنْهُنَّ، أَوْ يَعْفُو وَلِيُّهُنَّ، إِنْ كُنَّ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ مِنْهُنَّ، أَوْ لِلتَّخْيِيرِ، أَيْ: هُنَّ مُخَيَّرَاتٌ بَيْنَ أَنْ يَعْفُونَ، أَوْ يَعْفُوَ وَلِيُّهُنَّ.
وَرَجَّحَ كَوْنَهُ الْوَلِيَّ بِأَنَّ الزَّوْجَ الْمُطَلِّقَ يَبْعُدُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ، وَأَنْ يُجْعَلَ تَكْمِيلُهُ الصَّدَاقَ عَفْوًا، وَأَنْ يُبْهَمَ أَمْرُهُ حَتَّى يَبْقَى كَالْمُلْبِسِ، وَهُوَ قَدْ أَوْضَحَ بِالْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ: فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ فَلَوْ جَاءَ عَلَى مِثْلِ هَذَا التَّوْضِيحِ لَكَانَ: إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ تَعْفُوا أَنْتُمْ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهَا دَرَجَةٌ ثَالِثَةٌ، إِذْ ذَكَرَ الْأَزْوَاجَ، ثُمَّ الزَّوْجَاتِ، ثُمَّ الْأَوْلِيَاءَ.
وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ من حَيْثُ كَانَ عَقَدَهَا قَبْلُ، فَعَبَّرَ بِذَلِكَ عَنِ الْحَالَةِ السَّابِقَةِ، وَلِلنَّصِّ الَّذِي سَبَقَ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ وَالْمُرَادُ بِهِ خِطَابُ الْأَزْوَاجِ.