وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى لَفْظَةِ: اللَّهُ، وَعَلَى قَوْلِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
الْحَيُّ: وَصْفٌ وَفِعْلُهُ حَيِيَ، قِيلَ: وَأَصْلُهُ: حَيِوَ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا، وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ فَيْعَلٌ، فَخُفِّفَ كَمَيِّتٍ فِي مَيْتٍ، وَلَيِّنٍ فِي لَيْنٍ، وَهُوَ وَصْفٌ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ الْحَيَاةُ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى من صِفَاتِ الذَّاتِ حَيٌّ بِحَيَاةٍ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزُولُ، وَفُسِّرَ هُنَا بِالْبَاقِي، قَالُوا: كَمَا فِي قَوْلِ لُبَيْدٍ:
فَإِمَّا تَرَيِنِّي الْيَوْمَ أَصْبَحْتُ سَالِمًا | فَلَسْتُ بِأَحْيَا مِنْ كِلَابٍ وَجَعْفَرِ |
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: الْقَيُّومُ، عَلَى وَزْنِ فَيْعُولُ، أَصْلُهُ قَيْوُومُ اجْتَمَعَتِ الْيَاءُ وَالْوَاوُ، وَسَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِيهَا الْيَاءُ وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عمر، وَعَلْقَمَةُ، وَالنَّخَعِيُّ وَالْأَعْمَشُ: الْقَيَّامُ وَقَرَأَ عَلْقَمَةُ أَيْضًا: الْقَيِّمُ، كَمَا تَقُولُ: دَيُّورٌ وَدَيَّارٌ وَقَالَ أُمَيَّةُ:
لَمْ تُخْلَقِ السَّمَاءُ وَالنُّجُومُ | وَالشَّمْسُ مَعَهَا قَمَرٌ يَعُومُ |
قَدَّرَهَا الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّومُ | وَالْحَشْرُ وَالْجَنَّةُ وَالنَّعِيمُ |
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: الدَّائِمُ الْوُجُودِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِي لَا يَزُولُ وَلَا يُحَوَّلُ، وَقَالَ قَتَادَةُ:
الْقَائِمُ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: الْقَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ. وَقِيلَ: الْعَالِمُ بِالْأُمُورِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يَقُومُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَيْ: يَعْلَمُ مَا فِيهِ. وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الِاسْتِقَامَةِ وَقَالَ أَبُو رَوْقٍ: الَّذِي لَا يَبْلَى. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الدَّائِمُ الْقِيَامِ بِتَدْبِيرِ الْخَلْقِ وَحِفْظِهِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ تُقَارِبُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
وَقَالُوا: فَيْعُولُ، مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ، وَجَوَّزُوا رَفْعَ الْحَيِّ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ: اللَّهُ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ: هُوَ، أَوْ مِنْ: اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ: عَلَى