يُفْتَدَى بِهَا، وَمِثْلَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ إِنَّ، وَلَامُ كَيْ تَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ خَبَرُ إِنَّ وَهُوَ لَهُمْ.
وَالْمَعْنَى: لَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ وَمِثْلَهُ مَعَهُ مُسْتَقِرٌّ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ لِيَجْعَلُوهُ فَدِيَةً لَهُمْ مَا تُقُبِّلَ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَلُزُومِ الْعَذَابِ لَهُمْ، وَأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى نَجَاتِهِمْ مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ «يُقَالُ لِلْكَافِرِ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لَكَ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا أَكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ.
فَيُقَالُ لَهُ: قَدْ سُئِلْتَ أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ»

وَوَحَّدَ الضَّمِيرَ فِي بِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ شَيْئَانِ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَمَعْطُوفٌ، وَهُوَ مَا فِي الْأَرْضِ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، إِمَّا لِفَرْضِ تَلَازُمِهِمَا فَأُجْرِيَا مُجْرَى الْوَاحِدِ كَمَا قَالُوا: رُبَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّ بِي، وَإِمَّا لِإِجْرَاءِ الضَّمِيرُ مُجْرَى اسْمِ الْإِشَارَةِ كَأَنَّهُ قَالَ: لِيَفْتَدُوا بِذَلِكَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَيَجُوزُ أَنْ تكون الواو في: ومثله، بِمَعْنَى مَعَ، فَيُوَحَّدُ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ. (فَإِنْ قُلْتَ) : فَبِمَ يَنْتَصِبُ الْمَفْعُولُ مَعَهُ؟ (قُلْتُ) : بِمَا تَسْتَدْعِيهِ لَوْ مِنَ الْفِعْلِ، لِأَنَّ لَوْ ثَبَتَ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا يُوَحَّدُ الضَّمِيرُ لِأَنَّ حُكْمَ مَا قَبْلَ الْمَفْعُولِ مَعَهُ فِي الْخَبَرِ، وَالْحَالِ، وَعَوْدِ الضَّمِيرِ مُتَأَخِّرًا حُكْمُهُ مُتَقَدِّمًا، تَقُولُ: الْمَاءُ وَالْخَشَبَةُ اسْتَوَى، كَمَا تَقُولُ: الْمَاءُ اسْتَوَى وَالْخَشَبَةُ وَقَدْ أَجَازَ الْأَخْفَشِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْطُوفِ فَتَقُولَ:
الْمَاءُ مَعَ الْخَشَبَةِ اسْتَوَيَا، وَمَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ كَيْسَانَ. وَقَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ: تكون الواو في:
ومثله، بِمَعْنَى مَعَ لَيْسَ بِشَيْءٍ، لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ مَعَ مِثْلِهِ مَعَهُ، أَيْ: مَعَ مِثْلِ مَا فِي الْأَرْضِ مَعَ مَا فِي الْأَرْضِ، إِنْ جَعَلْتَ الضَّمِيرَ فِي مَعَهُ عَائِدًا عَلَى مِثْلَهُ أَيْ: مَعَ مِثْلِهِ مَعَ ذَلِكَ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى مَعَ مِثْلَيْنِ. فَالتَّعْبِيرُ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ عَيٌّ، إِذِ الْكَلَامُ الْمُنْتَظِمُ أَنْ يَكُونَ التَّرْكِيبُ إِذَا أُرِيدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَعَ مِثْلَيْهِ. وَقَوْلُ الزَّمَخْشَرِيُّ. فَإِنْ قُلْتَ إِلَى آخَرِ السُّؤَالِ، وَهَذَا السُّؤَالُ لَا يُرَدُّ، لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ وَاوَ مَعَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ وُرُودِهِ فَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّ الْوَاوَ إِذَا جَاءَتْ بَعْدَ لَوْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا: لَوْ ثَبَتَ كَيْنُونَةُ مَا فِي الْأَرْضِ مَعَ مِثْلِهِ لَهُمْ لِيَفْتَدُوا بِهِ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى مَا فَقَطْ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ تَفْرِيعٌ مِنْهُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُبَرِّدِ فِي أَنَّ أَنَّ بَعْدَ لَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ. وَمَذْهَبُ سيبويه إِنَّ أَنَّ بَعْدَ لَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ. وَالزَّمَخْشَرِيُّ لَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَفِي تَصَانِيفِهِ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَلَى التَّفْرِيعِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُبَرِّدِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ وَمِثْلَهُ مَفْعُولًا مَعَهُ، وَيَكُونُ الْعَامِلُ فِيهِ مَا ذَكَرَ مِنَ الْفِعْلِ، وَهُوَ ثَبَتَ بِوَسَاطَةِ الْوَاوِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُودِ لَفْظِ مَعَهُ. وَعَلَى تَقْدِيرِ سُقُوطِهَا لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ ثَبَتَ لَيْسَتْ رَافِعَةً لِمَا الْعَائِدِ عَلَيْهَا الضَّمِيرُ، وَإِنَّمَا هِيَ رَافِعَةٌ مَصْدَرًا مُنْسَبِكًا مِنْ أَنْ وَمَا بَعْدَهَا وَهُوَ كَوْنُ، إِذِ التَّقْدِيرُ: لَوْ


الصفحة التالية
Icon