وَقَالَ أَبُو الْعَلَاءِ الْمَعَرِّيُّ:

أَمَّتْ سَجَاحِ وَوَالَاهَا مُسَيْلِمَةُ كَذَّابَةٌ فِي بَنِي الدُّنْيَا وَكَذَّابُ
وَكِنْدَةُ قَوْمُ الْأَشْعَثِ، وَبَكْرُ بْنُ وَائِلٍ بِالْبَحْرَيْنِ قوم الحظم بْنِ يَزِيدَ. وَكَفَى اللَّهُ أَمْرَهُمْ عَلَى يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَفِرْقَةٌ فِي عَهْدِ عُمَرَ: غَسَّانُ قَوْمُ جَبَلَةَ بْنِ الْأَيْهَمِ نَصَّرَتْهُ اللَّطْمَةُ وَسَيَّرَتْهُ إِلَى بَلَدِ الرُّومِ بَعْدَ إِسْلَامِهِ.
وَفِي الْقَوْمِ الَّذِينَ يَأْتِي اللَّهُ بِهِمْ: أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ، أَوْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَصْحَابُهُمَا، أَوْ قَوْمُ أَبِي مُوسَى، أَوْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَلْفَانِ مِنَ الْبَحْرِ وَخَمْسَةُ آلَافٍ مِنْ كِنْدَةَ وَبَجِيلَةَ، وَثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنْ أَخْلَاطِ النَّاسِ جَاهَدُوا أَيَّامَ الْقَادِسِيَّةِ أَيَّامَ عُمَرَ. أَوِ الْأَنْصَارُ، أَوْ هُمُ الْمُهَاجِرُونَ، أَوْ أَحْيَاءٌ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ كِنْدَةَ وَبَجِيلَةَ وَأَشْجَعَ لَمْ يَكُونُوا وَقْتَ النُّزُولِ قَاتَلَ بِهِمْ أَبُو بَكْرٍ فِي الرِّدَّةِ، أَوِ الْقُرْبَى، أَوْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَ الْخَوَارِجَ أَقْوَالٌ تِسْعَةٌ.
وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمِ بِإِسْنَادٍ: أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم إلي أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَقَالَ قَوْمٌ: هَذَا.
وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ، وَكَانَ لَهُمْ بَلَاءٌ فِي الْإِسْلَامِ زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَامَّةُ فَتُوحِ عُمَرَ عَلَى أَيْدِيهِمْ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ: مَنْ يَرْتَدِدْ بِدَالَيْنِ مَفْكُوكًا، وَهِيَ لُغَةُ الْحِجَازِ. وَالْبَاقُونَ بِوَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ وَهِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ. وَالْعَائِدُ عَلَى اسْمِ الشَّرْطِ مِنْ جُمْلَةِ الْجَزَاءِ مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى تَقْدِيرُهُ: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ غَيْرِهِمْ، أَوْ مَكَانَهُمْ. وَيُحِبُّونَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: يُحِبُّهُمْ، فَهُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ الْمَنْصُوبِ تقديره:
وهن يُحِبُّونَهُ انْتَهَى. وَهَذَا ضَعِيفٌ لَا يُسَوَّغُ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ. وَوَصَفَ تَعَالَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ بِأَنَّهُ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، مَحَبَّةُ اللَّهِ لَهُمْ هِيَ تَوْفِيقُهُمْ لِلْإِيمَانِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ «١» وَإِثَابَتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى سَائِرِ الطَّاعَاتِ، وَتَعْظِيمُهُ إِيَّاهُمْ، وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِمْ، ومحبتهم له طاعته، وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، وَامْتِثَالُ مَأْمُورَاتِهِ. وَقَدَّمَ مَحَبَّتَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ إِذْ هِيَ أَشْرَفُ وَأَسْبَقُ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَأَمَّا مَا يَعْتَقِدُهُ أَجْهَلُ النَّاسِ وَأَعْدَاهُمْ لِلْعِلْمِ وَأَهْلِهِ، وَأَمْقُتُهُمْ لِلشَّرْعِ، وَأَسْوَأُهُمْ طَرِيقَةً، وَإِنْ كَانَتْ طَرِيقَتُهُ عِنْدَ أَمْثَالِهِ مِنَ السُّفَهَاءِ وَالْجَهَلَةِ شَيْئًا وَهُمُ: الْفِرْقَةُ الْمُنْفَعِلَةُ وَالْمُتَفَعِّلَةُ مِنَ الصُّوفِ وَمَا يَدِينُونَ بِهِ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالْعِشْقِ وَالتَّغَنِّي على
(١) سورة الحجرات: ٤٩/ ٧.


الصفحة التالية
Icon