لَوْ عَايَنَتْ رُهْبَانَ دِيرٍ فِي الْقَلَلْ | تَحَدَّرَ الرُّهْبَانُ تَمْشِي وَتَزَلْ |
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ مَا مَعْنَاهُ: صَدْرُ الْآيَةِ عَامٌّ فِي النصارى وإِذا سَمِعُوا عَامٌّ فِي مَنْ آمَنَ مِنَ الْقَادِمِينَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ، إِذْ لَيْسَ كُلُّ النَّصَارَى يَفْعَلُ ذَلِكَ، بَلْ هُمُ الَّذِينَ بَعَثَهُمُ النَّجَاشِيُّ لِيَرَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعُوا مَا عِنْدَهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَاضَتْ أَعْيُنُهُمْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى، انْتَهَى.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا رَجَعُوا إِلَى النَّجَاشِيِّ آمَنَ وَهَاجَرَ بِمَنْ مَعَهُ فَمَاتَ فِي الطَّرِيقِ، فَصَلَّى عَلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ وَاسْتَغْفَرُوا لَهُ
، وتَرى مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ وَأَسْنَدَ الْفَيْضَ إِلَى الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَ حَقِيقَةً لِلدُّمُوعِ كَمَا قَالَ:
فَفَاضَتْ دُمُوعُ الْعَيْنِ مِنِّي صَبَابَةً إِقَامَةً لِلْمُسَبَّبِ مَقَامَ السَّبَبِ، لِأَنَّ الْفَيْضَ مُسَبَّبٌ عَنِ الِامْتِلَاءِ، فَالْأَصْلُ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَمْتَلِئُ مِنَ الدَّمْعِ حَتَّى تَفِيضَ، لِأَنَّ الْفَيْضَ عَلَى جَوَانِبِ الْإِنَاءِ نَاشِئٌ عَنِ امْتِلَائِهِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
قَوَارِضُ تَأْتِينِي وَيَحْتَقِرُونَهَا | وَقَدْ يَمْلَأُ الْمَاءُ الْإِنَاءَ فَيَفْعُمُ |
(١) سورة مريم: ١٩/ ٣٤.
(٢) سورة طه: ٢/ ٩.
(٢) سورة طه: ٢/ ٩.