المفعول الأول وأَكابِرَ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ وَالتَّقْدِيرُ مُجْرِمِيهَا أَكَابِرَ، وَمَا أَجَازَاهُ خَطَأٌ وَذُهُولٌ عَنْ قَاعِدَةٍ نَحْوِيَّةٍ وَهُوَ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ إِذَا كَانَ بِمَنْ مَلْفُوظًا بِهَا أَوْ مُقَدَّرَةً أَوْ مُضَافَةً إِلَى نَكِرَةٍ كَانَ مُفْرَدًا مُذَكَّرًا دَائِمًا سَوَاءً كَانَ لِمُذَكَّرٍ أَوْ مُؤَنَّثٍ مُفْرَدٍ أَوْ مُثَنَّى أَوْ مَجْمُوعٍ، فَإِذَا أُنِّثَ أَوْ ثُنِّيَ أَوْ جُمِعَ طَابَقَ مَا هُوَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَلَزِمَهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا الْأَلِفُ وَاللَّامُ أَوِ الْإِضَافَةُ إِلَى مَعْرِفَةٍ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَالْقَوْلُ بِأَنَّ مُجْرِمِيها بَدَلٌ مِنْ أَكابِرَ أَوْ أَنَّ مُجْرِمِيها مَفْعُولٌ أَوَّلُ خَطَأٌ لِالْتِزَامِهِ أَنْ يَبْقَى أَكابِرَ مَجْمُوعًا وَلَيْسَ فِيهِ أَلِفٌ وَلَامٌ وَلَا هُوَ مُضَافٌ إِلَى مَعْرِفَةٍ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقَدْ تَنَبَّهَ الْكِرْمَانِيُّ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَقَالَ: أَضَافَ الْأَكَابِرَ إِلَى مُجْرِمِيهَا لِأَنَّ أَفْعَلُ لَا يُجْمَعُ إِلَّا مَعَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ أَوْ مَعَ الْإِضَافَةِ انْتَهَى. وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ فَيَقُولَ: أَوْ مَعَ الْإِضَافَةِ إِلَى مَعْرِفَةٍ وَقَدَّرَ بَعْضُهُمُ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ مَحْذُوفًا أَيْ فُسَّاقًا لِيَمْكُرُوا فِيها وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْمَلَ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيُقَالُ أَكَابِرَةٌ كَمَا قَالُوا أَحْمَرَ وَأَحَامِرَةٌ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِنَّ الْأَحَامِرَةَ الثَّلَاثَةَ أَهْلَكَتْ | مَالِي وَكُنْتُ بِهِنَّ قَدَمًا مُولَعًا |
وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ أَيْ وَبَالُهُ يَحِيقُ بِهِمْ كَمَا قَالَ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وَما يَشْعُرُونَ يَحِيقُ ذَلِكَ بِهِمْ وَلَا يَعْنِي شُعُورَهُمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ إِذْ نَفَى عَنْهُمُ الشُّعُورَ الَّذِي يَكُونُ للبهائم.
(٢) سورة البقرة: ٢/ ٩٦. [.....]