وَلَمْ يُعَدِّهِ بِالْبَاءِ كَمَا عَدَّاهُ سِيبَوَيْهِ وَالنَّحْوِيُّونَ وَزَعَمَ أَنَّ كَلَامَ الْعَرَبِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَكَلَامُهُ مَسْمُوعٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فَمَا جَاءَ مُعَدًّى بِالْبَاءِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
حَتَّى اسْتَغَاثَ بِمَاءٍ لَا رِشَاءَ لَهُ | مِنَ الْأَبَاطِحِ فِي حَاجَاتِهِ الْبُرَكُ |
مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّبْتِ تَنْسُجُهُ | رِيحٌ حَرِيقٌ لِضَاحِي مَائِهِ حُبُكُ |
كَمَا اسْتَغَاثَ بِشَيْءٍ قَبْرُ عَنْطَلَةٍ | خَافَ الْعُيُونَ وَلَمْ يُنْظَرْ بِهِ الْحَشَكُ |
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَيَحْسُنُ مَعَ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ كَسْرُ الْمِيمِ وَلَا أَحْفَظُهُ قِرَاءَةً كَقَوْلِهِمْ مُخَضَّمٌ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي عَدَدِ الْمَلَائِكَةِ وَهَلْ قَاتَلَتْ أَمْ لَمْ تُقَاتِلْ فِي آلِ عِمْرَانَ وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِقِتَالِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قِرَاءَةَ مَنْ قَرَأَ مُرْدِفِينَ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ أَنَّهُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بِأَلْفٍ أَيْ أَرْدَفَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ قال ابن عطية: ويحتمل أَنْ يُرَادَ بِالْمُرْدَفِينَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْ أُرْدِفُوا بِالْمَلَائِكَةِ فَمُرْدَفِينَ عَلَى هَذَا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَأَرْدَفْتُهُ إِيَّاهُ إِذَا أَتْبَعْتَهُ وَيُقَالُ أَرْدَفْتُهُ كَقَوْلِكَ أَتْبَعْتُهُ إِذَا جِئْتَ بَعْدَهُ فَلَا يَخْلُو الْمَكْسُورُ الدَّالِ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى مُتْبِعِينَ أَوْ مُتَّبَعِينَ فَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى مُتْبِعِينَ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى مُتْبِعِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَوْ مُتْبِعِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَوْ بِمَعْنَى مُتْبِعِينَ إِيَّاهُمُ الْمُؤْمِنُونَ أَيْ يَتَقَدَّمُونَهُمْ فَيَتْبَعُونَهُمْ أَنْفُسَهُمْ أَوْ مُتْبِعِينَ لَهُمْ يُشَيِّعُوهُمْ وَيُقَدِّمُونَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَهُمْ عَلَى سَاقَتِهِمْ لِيَكُونُوا عَلَى أَعْيُنِهِمْ وَحِفْظِهِمْ أَوْ