وَحَالَتُنَا هَذِهِ؟ وَالنُّصْحُ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَلِهَذَا قُرِنَا فِي قَوْلِهِ: نَاصِحٌ أَمِينٌ، وَكَانَ قَدْ أَحَسَّ مِنْهُمْ قَبْلُ مَا أَوْجَبَ أَنْ لا يأمنهم عليه. ولا تَأْمَنَّا جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ صَحِبَهُ التَّعَجُّبُ.
وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: بِإِدْغَامِ نُونِ تَأْمَنَ فِي نُونِ الضَّمِيرِ مِنْ غَيْرِ إِشْمَامٍ وَمَجِيئِهِ بَعْدَ ما لك، وَالْمَعْنَى: يُرْشِدُ إِلَى أَنَّهُ نَفْيٌ لَا نَهْيٌ، وَلَيْسَ كَقَوْلِهِمْ: مَا أَحْسَنَنَا فِي التَّعَجُّبِ، لِأَنَّهُ لَوْ أُدْغِمَ لا لتبس بِالنَّفْيِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِالْإِدْغَامِ وَالْإِشْمَامِ لِلضَّمِّ، وَعَنْهُمْ إِخْفَاءُ الْحَرَكَةِ، فَلَا يَكُونُ إِدْغَامًا مَحْضًا. وَقَرَأَ ابْنُ هُرْمُزَ: بِضَمِّ الْمِيمِ، فَتَكُونُ الضَّمَّةُ مَنْقُولَةً إِلَى الْمِيمِ مِنَ النُّونِ الْأُولَى بَعْدَ سَلْبِ الْمِيمِ حَرَكَتَهَا، وَإِدْغَامِ النُّونِ فِي النُّونِ. وَقَرَأَ أُبَيٌّ، وَالْحَسَنُ، وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ، وَالْأَعْمَشُ: لَا تَأْمُنُنَا بِالْإِظْهَارِ، وَضَمِّ النُّونِ عَلَى الْأَصْلِ، وَخَطُّ الْمُصْحَفِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ وَثَّابٍ، وَأَبُو رَزِينٍ:
لَا يَتْمَنَّا عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ، وَسَهَّلَ الْهَمْزَةَ بَعْدَ الْكَسْرَةِ ابْنُ وَثَّابٍ. وَفِي لَفْظَةِ: أَرْسِلْهُ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُهُ وَيَصْحَبُهُ دَائِمًا. وَانْتَصَبَ غَدًا عَلَى الظَّرْفِ، وَهُوَ ظَرْفٌ مُسْتَقْبَلٌ يُطْلَقُ عَلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَكَ، وَعَلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَكَ.
وَأَصْلُهُ: غُدُوٌّ، فَحُذِفَتْ لَامُهُ وَقَدْ جَاءَ تَامًّا. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ بِالْيَاءِ وَالْجَزْمِ، وَالِابْنَانِ وَأَبُو عمرو بالنون وَالْجَزْمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْحَرَمِيَّانِ، وَاخْتَلَفَ عَنْ قُنْبُلٍ فِي إِثْبَاتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ: وَيَلْعَبْ بِالْيَاءِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وَقَرَأَ الْعَلَاءُ بْنُ سَيَابَةَ: يَرْتَعِ بِالْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مَجْزُومًا مَحْذُوفَ اللَّامِ، وَيَلْعَبُ بِالْيَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَهُوَ يَلْعَبُ. وَقَرَأَ مُجَاهِدٌ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ: بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ مِنِ ارْتَعْنَا وَنَلْعَبْ بِالنُّونِ، وَكَذَلِكَ أَبُو رَجَاءٍ، إِلَّا أَنَّهُ بِالْيَاءِ فِيهِمَا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ، وَالْقِرَاءَتَانِ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ أَيْ: يَرْتَعِ الْمَوَاشِي أَوْ غَيْرِهَا. وَقَرَأَ النَّخَعِيُّ: نَرْتَعْ بِنُونٍ، وَيَلْعَبْ بِيَاءٍ، بِإِسْنَادِ اللَّعِبِ إِلَى يُوسُفَ وَحْدَهُ لِصِبَاهُ، وَجَاءَ كَذَلِكَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَيَعْقُوبَ. وَكُلُّ هَذِهِ الْقِرَاآتِ الْفِعْلَانِ فِيهَا مَبْنِيَّانِ لِلْفَاعِلِ. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: يُرْتَعْ وَيُلْعَبْ بِضَمِّ الْيَاءَيْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ، وَيُخْرِجُهَا عَلَى أَنَّهُ أُضْمِرَ الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَهُوَ ضَمِيرُ غَدٍ، وَكَانَ أَصْلُهُ يَرْتَعْ فِيهِ وَيَلْعَبْ فِيهِ، ثُمَّ حُذِفَ وَاتَّسَعَ، فَعُدِّيَ الْفِعْلُ لِلضَّمِيرِ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ: يَرْتَعْهُ وَيَلْعَبْهُ، ثُمَّ بَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ فَاسْتَكَنَ الضَّمِيرُ الَّذِي كَانَ مَنْصُوبًا لِكَوْنِهِ نَابَ عَنِ الْفَاعِلِ.
وَاللَّعِبُ هُنَا هُوَ الِاسْتِبَاقُ وَالِانْتِضَالُ، فَيُدَرَّبُونَ بِذَلِكَ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ، سَمَّوْهُ لَعِبًا لِأَنَّهُ بِصُورَةِ اللَّعِبِ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ للهو بدليل قولهم: إنا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ، وَلَوْ كَانَ لَعِبَ لَهْوٍ مَا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon