ادَّعَوْا أَنَّ لِلَّهِ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ لَا فِي غَيْرِهَا. وَالظَّاهِرُ فِي أَمْ فِي قَوْلِهِ: أَمْ، بِظَاهِرٍ أَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ أَيْضًا أَيْ: بَلْ أَتُسَمُّونَهُمْ شُرَكَاءَ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ أَيْ:
إِنَّكُمْ تَنْطِقُونَ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ وَتُسَمُّونَهَا آلِهَةً وَلَا حَقِيقَةَ لَهَا، إِذْ أَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ أَنَّهَا لَا تَتَّصِفُ بِشَيْءٍ مِنْ أَوْصَافِ الْأُلُوهِيَّةِ كَقَوْلِهِ: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها «١» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بِبَاطِلٍ مِنَ الْقَوْلِ، لَا بَاطِنَ لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
| أَعَيَّرْتَنَا أَلْبَانَهَا وَلُحُومَهَا | وَذَلِكَ عَارٌ يَا ابْنَ رَيْطَةَ ظَاهِرُ |
وَصِدُّوا بِكَسْرِ الصَّادِ، وَهِيَ كَقِرَاءَةِ رُدَّتْ إِلَيْنَا بِكَسْرِ الرَّاءِ. وَفِي الْلَوَامِحِ الْكِسَائِيُّ لِابْنِ يَعْمَرَ:
وَصِدُّوا بِالْكَسْرِ لُغَةً، وَفِي الضَّمِّ أَجْرَاهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ نَحْوَ قَبْلُ، فَأَمَّا فِي الْمُؤْمِنِ فَبِالْكَسْرِ لِابْنِ وَثَّابٍ انْتَهَى. وَقَرَأَ ابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ: وَصَدٌّ بِالتَّنْوِينِ عَطْفًا عَلَى مَكْرُهُمْ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ، وَمَنْ يَخْذُلْهُ يَعْلَمْهُ أَنَّهُ لَا يَهْتَدِي، فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ فَمَا لَهُ مِنْ وَاحِدٍ يَقْدِرُ عَلَى هِدَايَتِهِ انْتَهَى. وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاعْتِزَالِ. وَالْعَذَابُ فِي الدُّنْيَا هُوَ مَا يُصِيبُهُمْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ مِنَ الْقَتْلِ وَالْأَسْرِ وَالنَّهْبِ وَالذِّلَّةِ وَالْحُرُوبِ وَالْبَلَايَا فِي أَجْسَامِهِمْ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْتَحَنُ بِهِ الْكُفَّارُ. وَكَانَ عَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقَّ عَلَى النُّفُوسِ، لِأَنَّهُ إِحْرَاقٌ بِالنَّارِ دَائِمًا كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها «٣» وَمِنْ وَاقٍ: مِنْ سَاتِرٍ يَحْفَظُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ وَيَحْمِيهِمْ، وَلَمَّا ذَكَرَ مَا أُعِدَّ لِلْكُفَّارِ فِي الْآخِرَةِ ذَكَرَ مَا أُعِدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى
(٢) سورة التوبة: ٩/ ٣٠. [.....]
(٣) سورة النساء: ٤/ ٥٦.