وَالصَّارِخُ الْمُسْتَغِيثُ، صَرَخَ يَصْرُخُ صَرْخًا وَصُرَاخًا وَصَرْخَةً. قَالَ سَلَامَةُ بْنُ جَنْدَلٍ:
كُنَّا إِذَا مَا أَتَانَا صَارِخٌ فَزِعٌ | كَانَ الصُّرَاخُ لَهُ قَرْعُ الظَّنَابِيبِ |
وَفَرْعٍ يُغَشِّي الْمَتْنَ أَسْوَدَ فَاحِمِ اجْتَثَّ الشَّيْءَ اقْتَلَعَهُ، وَجَثَّ الشَّيْءَ قَلَعَهُ، وَالْجُثَّةُ شَخْصُ الْإِنْسَانِ قَاعِدًا وقائما. وقال لقيط الأياري:
هُوَ الْجَلَاءُ الَّذِي يَجْتَثُّ أَصْلَكُمْ | فَمَنْ رَأَى مِثْلَ ذَا آتٍ وَمَنْ سَمِعَا |
فَلَمْ أَرَ مِثْلَهُمْ أَبْطَالَ حَرْبٍ | غَدَاةَ الْحَرْبِ إِذْ خِيفَ الْبَوَارُ |
فَقِيلَ: أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ، كَمَا تَقُولُ: صِفَةُ زَيْدٍ عِرْضُهُ مَصُونٌ، وَمَالُهُ مَبْذُولٌ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَمَذْهَبُ الْكِسَائِيِّ وَالْفَرَّاءِ أَنَّهُ عَلَى إِلْغَاءٍ مَثَلُ، وَأَنَّ الْمَعْنَى: الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ.
وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: مَثَلُ رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ، وَأَعْمَالُهُمْ بَدَلٌ مِنْ مَثَلُ بَدَلَ اشْتِمَالٍ. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
مَا لِلْجَمَالِ مَشْيُهَا وَئِيدًا | أَجُنْدُلًا يَحْمِلْنَ أَمْ حَدِيدًا |
مَثَلُ أَعْمَالِهِمْ، وكرماد الْخَبَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقِيلَ هُوَ ابتداء، وأعمالهم ابتداء ثان، وكرماد خَبَرٌ لِلثَّانِي، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ الْأَوَّلِ. وَهَذَا عِنْدِي أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ، وَكَأَنَّكَ قُلْتَ:
الْمُتَحَصِّلُ مِثَالًا فِي النَّفْسِ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ أَعْمَالُهُمْ فِي فَسَادِهَا وَقْتَ الْحَاجَةِ، وَتَلَاشِيهَا كَالرَّمَادِ الَّذِي تَذْرُوهُ الرِّيحُ، وَتُفَرِّقُهُ بِشِدَّتِهَا حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ، وَلَا