إِذْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَمَقْتُ. وَهُوَ قَدْ أَخْبَرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا جَازَ هَذَا فِي الظُّرُوفِ خَاصَّةً وَمَنَعَ قَوْمٌ أَنْ يَكُونَ مَكاناً نَصْبًا عَلَى الْمَفْعُولِ الثَّانِي لِنُخْلِفُهُ، وَجَوَّزَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ النُّحَاةِ وَوَجْهُهُ أَنْ يَتَّسِعَ فِي أن يحلف الْمَوْعِدَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ إِذَا نعت هَذَا لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ فِي كُلِّ عَامِلٍ عَمَلِ الْفِعْلِ، أَلَا تَرَى اسْمَ الْفَاعِلِ الْعَارِي عَنْ أَلْ إِذَا وُصِفَ قَبْلَ الْعَمَلِ فِي إِعْمَالِهِ خِلَافٌ الْبَصْرِيُّونَ يَمْنَعُونَ وَالْكُوفِيُّونَ يُجَوِّزُونَ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا صُغِّرَ فِي إِعْمَالِهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا إِذَا جُمِعَ فَلَا يُعْلَمُ خِلَافٌ فِي جَوَازِ إِعْمَالِهِ، وَأَمَّا الْمَصْدَرُ إِذَا جُمِعَ فَفِي جَوَازِ إِعْمَالِهِ خِلَافٌ، وَأَمَّا اسْتِثْنَاؤُهُ مِنَ الْمَعْمُولَاتِ الظُّرُوفِ فَغَيْرُهُ يَذْهَبُ إِلَى مَنْعِ ذَلِكَ مُطْلَقًا فِي الْمَصْدَرِ، وَيَنْصُبُ إِذْ بِفِعْلٍ يُقَدَّرُ بِمَا قَبْلَهُ أَيْ مَقَتَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ.
وَلا أَنْتَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَكِنِ فِي نُخْلِفُهُ الْمُؤَكَّدُ بِقَوْلِهِ نَحْنُ.
وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَعَاصِمٌ وَيَعْقُوبُ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَطَلْحَةُ وَالْأَعْمَشُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ سُوىً بِضَمِّ السِّينِ مُنَوَّنًا فِي الْوَصْلِ. وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِكَسْرِهَا مُنَوَّنًا فِي الْوَصْلِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ أَيْضًا سُوىً بِضَمِّ السِّينِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ فِي الْحَالَيْنِ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ لَا أَنَّهُ مَنَعَهُ الصَّرْفَ لِأَنَّ فِعْلًا مِنَ الصِّفَاتِ مُتَصَرِّفٌ كَحَطُمَ وَلَبَدَ. وَقَرَأَ عِيسَى سِوَى بِكَسْرِ السِّينِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ فِي الْحَالَيْنِ أَجْرَى الْوَصْلَ أَيْضًا مَجْرَى الْوَقْفِ، وَمَعْنَى سُوىً أَيْ عَدْلًا وَنَصَفَةً. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: كَأَنَّهُ قَالَ قُرْبُهُ مِنْكُمْ قُرْبُهُ مِنَّا. وَقَالَ غَيْرُهُ:
إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ حَالَنَا فِيهِ مُسْتَوِيَةٌ فَيَعُمُّ ذَلِكَ الْقُرْآنَ، وَأَنْ تَكُونَ الْمَنَازِلُ فِيهِ وَاحِدَةً فِي تَعَاطِي الْحَقِّ لَا تَعْتَرِضُكُمْ فِيهِ الرِّئَاسَةُ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ الْحُجَّةُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ وَهُوَ مِنَ الِاسْتِوَاءِ لِأَنَّ الْمَسَافَةَ مِنَ الْوَسَطِ إِلَى الطَّرَفَيْنِ مُسْتَوِيَةٌ لَا تَفَاوُتَ فِيهَا، وَهَذَا مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ أَبِي عَلِيٍّ قُرْبُهُ مِنْكُمْ قُرْبُهُ مِنَّا. وَقَالَ الْأَخْفَشُ سُوىً مَقْصُورٌ إِنْ كَسَرْتَ سِينَهُ أَوْ ضَمَمْتَ، وَمَمْدُودٌ إِنْ فَتَحْتَهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ وَيَكُونُ فِيهَا جَمِيعًا بِمَعْنَى غَيْرِ وَبِمَعْنَى عَدْلٍ، وَوَسَطٍ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

وَإِنَّ أَبَانَا كَانَ حِلٌّ بِأَهْلِهِ سِوًى بَيْنَ قيس قيس عيلان وَالْفِزْرِ
قَالَ: وَتَقُولُ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سِوَاكَ وَسُوَاكَ وَسَوَاكَ أَيْ غَيْرَكَ، وَيَكُونُ لِلْجَمِيعِ وَأَعْلَى هَذِهِ اللُّغَاتِ الْكَسْرُ قَالَهُ النَّحَّاسُ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَى مَكاناً سُوىً مُسْتَوِيًا مِنَ الْأَرْضِ أَيْ لَا وَعْرَ فِيهِ، وَلَا جَبَلَ، وَلَا أَكَمَةَ، وَلَا مُطْمَئِنَّ مِنَ الْأَرْضِ بِحَيْثُ يَسِيرُ نَاظِرَ أَحَدٍ فَلَا يَرَى مَكَانَ مُوسَى وَالسَّحَرَةِ وَمَا يَصْدُرُ عَنْهُمَا، قَالَ ذَلِكَ وَاثِقًا مِنْ غَلَبَةِ السَّحَرَةِ لِمُوسَى فَإِذَا شَاهَدُوا غَلَبَهُمْ إِيَّاهُ رَجَعُوا عَمَّا كَانُوا اعْتَقَدُوا فِيهِ. وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مَعْنَاهُ مَكَانًا سِوَى: مَكَانِنَا


الصفحة التالية
Icon