أَثْوَى وَقَصَّرَ لَيْلَهُ لِيُزَوِّدَا | فَمَضَى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدَا |
«١» انْتَهَى.
ثُمَّ وَبَّخَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ السَّامِرِيَّ بِمَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ بِالْعِجْلِ الَّذِي اتَّخَذَهُ إِلَهًا مِنَ الِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِ بِتَغْيِيرِ هَيْئَتِهِ، فَوَاجَهَهُ بِقَوْلِهِ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ وَخَاطَبَهُ وَحْدَهُ إِذْ كَانَ هُوَ رَأْسَ الضَّلَالِ وَهُوَ يَنْظُرُ لِقَوْلِهِمْ لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ وَأَقْسَمَ لَنُحَرِّقَنَّهُ وَهُوَ أَعْظَمُ فَسَادِ الصُّورَةِ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ حَتَّى تَتَفَرَّقَ أَجْزَاؤُهُ فَلَا يَجْتَمِعَ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ قَدْ أَخَذَ السَّامِرِيُّ الْقَبْضَةَ مِنْ أَثَرِ فَرَسِ جِبْرِيلَ وَهُوَ دَاخِلٌ الْبَحْرَ حَالَةَ تَقَدُّمِ فِرْعَوْنَ وَتَبِعَهُ فِرْعَوْنُ فِي الدُّخُولِ نَاسَبَ أَنْ يُنْسَفَ ذَلِكَ الْعِجْلُ الَّذِي صَاغَهُ السَّامِرِيُّ مِنَ الْحُلِيِّ الَّذِي كَانَ أَصْلُهُ لِلْقِبْطِ. وَأَلْقَى فِيهِ الْقَبْضَةَ فِي الْبَحْرِ لِيَكُونَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مَا كَانَ بِهِ قِيَامُ الْحَيَاةِ آلَ إِلَى الْعَدَمِ. وَأُلْقِيَ فِي مَحَلِّ مَا قَامَتْ بِهِ الْحَيَاةُ وَإِنَّ أَمْوَالَ الْقِبْطِ قَذَفَهَا اللَّهُ فِي الْبَحْرِ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا كَمَا قَذَفَ اللَّهُ أَشْخَاصَ مَالِكِيهَا فِي الْبَحْرِ وَغَرَّقَهُمْ فِيهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَنَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ لِابْنِ يَعْمَرَ ظَلْتَ بِظَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَلَامٍ سَاكِنَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَقَتَادَةُ وَالْأَعْمَشُ بِخِلَافٍ عَنْهُ وَأَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَابْنُ يَعْمَرَ بِخِلَافٍ عَنْهُ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ كَسَرُوا الظَّاءَ، وَعَنِ ابْنِ يَعْمَرَ ضَمُّهَا وَعَنْ أُبَيٍّ وَالْأَعْمَشِ ظَلِلْتَ بِلَامَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ، فَأَمَّا حَذْفُ اللَّامِ فَقَدْ ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ فِي الشُّذُوذِ يَعْنِي شُذُوذَ الْقِيَاسِ لَا شُذُوذَ الِاسْتِعْمَالِ مَعَ مَسَّتْ وَأَصْلُهُ مَسِسْتُ وَأَحَسَّتْ أَصْلُهُ أَحْسَسْتُ، وَذَكَرَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ هَمَّتْ وَأَصْلُهُ هَمَمْتُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا سُكِّنَ آخِرُ الْفِعْلِ نَحْوَ ظَلَّتْ إِذْ أَصْلُهُ ظللت. وذكر
(١) سورة مريم: ١٩/ ١٩. [.....]