وَالْأَشْرَافِ وَالْحُكَّامِ. وَقَالَ النَّقَّاشُ: الْمَسَاكِنُ الْحِسَانُ. وَقِيلَ: مَرَابِطُ الْخَيْلِ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَقَرَأَ قَتَادَةُ، وَالْأَعْرَجُ: وَمُقَامٍ، بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَقَامَ كَذَلِكَ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ:
يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ: النَّصْبَ عَلَى أَخْرَجْنَاهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ الْإِخْرَاجِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ، وَالْجَرَّ عَلَى أَنَّهُ وَصْفٌ لِمَقَامٍ، أَيْ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَقَامِ الَّذِي كَانَ لَهُمْ، وَالرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٍ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. انْتَهَى. فَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ لَا يسوغ، لأنه يؤول إِلَى تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ الْوَجْهُ الثَّانِي، لِأَنَّ المقام الذي كان لهم هُوَ الْمَقَامُ الْكَرِيمُ، وَلَا يُشَبَّهُ الشَّيْءُ بِنَفْسِهِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ، أَنَّهُمْ مَلَكُوا دِيَارَ مِصْرَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، لِأَنَّهُ اعْتَقَبَ قَوْلَهُ: وَأَوْرَثْناها: قوله: وفَأَخْرَجْناهُمْ، وَقَالَهُ الْحَسَنُ قَالَ: كَمَا عَبَرُوا النَّهْرَ، رَجَعُوا وَوَرِثُوا دِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ. وَقِيلَ: ذَهَبُوا إِلَى الشَّامِ وَمَلَكُوا مِصْرَ زَمَنَ سُلَيْمَانَ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: فَأَتْبَعُوهُمْ: أَيْ فَلَحِقُوهُمْ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ، وَالذِّمَارِيُّ:
فَاتَّبَعُوهُمْ، بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَشَدِّ التَّاءِ. مُشْرِقِينَ: دَاخِلِينَ فِي وَقْتِ الشُّرُوقِ، مِنْ شَرَقَتِ الشَّمْسُ شُرُوقًا، إِذَا طَلَعَتْ، كَأَصْبَحَ: دَخَلَ فِي وَقْتِ الصَّبَاحِ، وَأَمْسَى: دَخَلَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: فَاتَّبَعُوهُمْ نَحْوَ الشَّرْقِ، كَأَنْجَدَ: إِذَا قَصَدَ نَحْوَ نَجْدٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُشْرِقِينَ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ. وَقِيلَ: مُشْرِقِينَ: أَيْ فِي ضِيَاءٍ، وَكَانَ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ فِي ضَبَابٍ وَظُلْمَةٍ، تَحَيَّرُوا فِيهَا حَتَّى جَاوَزَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مُشْرِقِينَ حَالًا من المفعول.
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ: أَيْ رَأَى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ: أَيْ مُلْحَقُونَ، قَالُوا ذَلِكَ حِينَ رَأَوُا الْعَدُوَّ الْقَوِيَّ وَرَاءَهُمْ وَالْبَحْرَ أَمَامَهُمْ، وَسَاءَتْ ظُنُونُهُمْ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: وَابْنُ وَثَّابٍ: تَرَايَ الْجَمْعَانِ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، عَلَى مَذْهَبِ التَّخْفِيفِ بَيْنَ بَيْنَ، وَلَا يَصِحُّ الْقَلْبُ لِوُقُوعِ الْهَمْزَةِ بَيْنَ أَلِفَيْنِ، إِحْدَاهُمَا أَلِفُ تَفَاعَلَ الزَّائِدَةُ بَعْدَ الْفَاءِ، وَالثَّانِيَةُ اللَّامُ الْمُعْتَلَّةُ مِنَ الْفِعْلِ. فَلَوْ خُفِّفَتْ بِالْقَلْبِ لَاجْتَمَعَ ثَلَاثُ أَلِفَاتٍ مُتَّسِقَةٍ، وَذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ أَبَدًا، قَالَهُ أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَرَأَ حَمْزَةُ: تَرِيءَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ وَيَمُدُّ ثُمَّ يَهْمِزُ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ عَاصِمٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مفتوحا ممدود، أو الجمهور يقرؤونه مِثْلَ تَرَاعَى، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّهُ تَفَاعَلَ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَقِرَاءَةُ حَمْزَةَ هَذَا الْحَرْفَ مُحَالٌ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ وثاب والأعمش خَطَأٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ خَلَفٍ الْأَنْصَارِيُّ،


الصفحة التالية
Icon