عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَقِيلَ: أَنْجَزَ مَا صنع بهم. ولِقَوْمٍ: متعلق بتركنا، أَوْ بَيِّنَةً.
وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ، فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ، وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ، وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ، فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ، مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ، إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ، خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
وَإِلى مَدْيَنَ: أَيْ وَإِلَى مَدْيَنَ أَرْسَلْنَا، أَوْ بَعَثْنَا، مِمَّا يَتَعَدَّى بِإِلَى. أَمَرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ، وَالْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَالْأَمْرُ بِالرَّجَاءِ، أَمْرٌ بِفِعْلِ مَا يَتَرَتَّبُ الرَّجَاءُ عَلَيْهِ، أَقَامَ الْمُسَبِّبَ مَقَامَ السَّبَبِ. وَالْمَعْنَى: وَافْعَلُوا مَا تَرْجُونَ بِهِ الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ، أَوْ يَكُونُ أَمْرًا بِالرَّجَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ تَحْصِيلِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: وَارْجُوا: خَافُوا جَزَاءَ الْيَوْمِ الْآخِرِ مِنَ انْتِقَامِ اللَّهِ مِنْكُمْ إِنْ لَمْ تَعْبُدُوهُ. وَتَضَمَّنَ الْأَمْرُ بِالْعِبَادَةِ وَالرَّجَاءِ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ، وَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ كَذَلِكَ جَاءَ: فَكَذَّبُوهُ، وَجَاءَتْ ثَمَرَةُ التَّكْذِيبِ، وَهِيَ:
فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ مِثْلِ هَذِهِ الْجُمَلِ. وَانْتَصَبَ وَعاداً وَثَمُودَ بِإِضْمَارِ أَهْلَكْنَا، لِدَلَالَةِ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: بِالْعَطْفِ عَلَى الضَّمِيرِ فِي فَأَخَذَتْهُمْ، وَأَبْعَدَ الْكِسَائِيُّ فِي عَطْفِهِ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. وَقَرَأَ: ثَمُودَ، بِغَيْرِ تَنْوِينٍ حَمْزَةُ، وَشَيْبَةُ، وَالْحَسَنُ، وَحَفْصٌ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ:
بِالتَّنْوِينِ. وَقَرَأَ ابْنُ وَثَّابٍ: وَعَادٍ وَثَمُودٍ، بِالْخَفْضِ فِيهِمَا، وَالتَّنْوِينِ عَطْفًا عَلَى مَدْيَنَ، أَيْ وَأَرْسَلْنَا إِلَى عَادٍ وَثَمُودَ. وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ: أَيْ ذَلِكَ، أَيْ مَا وُصِفَ لَكُمْ مِنْ إِهْلَاكِهِمْ مِنْ جِهَةِ مَسَاكِنِهِمْ، إِذَا نَظَرْتُمْ إِلَيْهَا عِنْدَ مُرُورِكُمْ لَهَا، وَكَانَ أَهْلُ مَكَّةَ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا فِي أَسْفَارِهِمْ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: مَسَاكِنُهُمْ، بِالرَّفْعِ مِنْ غَيْرِ مِنْ، فَيَكُونُ فَاعِلًا بتبين.


الصفحة التالية
Icon