وَالْوَاقِعُ فِيهِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ مَعَ إِعَانَةِ اللَّفِّ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مَنامُكُمْ فِي الزَّمَانَيْنِ، وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ فِيهِمَا. وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ لِتَكَرُّرِهِ فِي الْقُرْآنِ، وَأَسَدُّ الْمَعَانِي مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ تَرَتُّبَ النَّوْمِ فِي اللَّيْلِ وَالِابْتِغَاءَ لِلنَّهَارِ، وَلَفْظُ الْآيَةِ لَا يُعْطِي ذَلِكَ. وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً: إِمَّا أَنْ يتعلق من آياته بيريكم، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ، أَوْ يَكُونُ يُرِيكُمْ عَلَى إِضْمَارِ أَنْ، كَمَا قَالَ:
أَلَا أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحَضُرَ الْوَغَى بِرَفْعِ أَحْضُرُ، وَالتَّقْدِيرُ أَنْ أَحْضُرَ، فلما حذف أن، ارتفع الْفِعْلُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ مِنْهَا أَنْ قِيَاسًا، أَوْ عَلَى إِنْزَالِ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ الْمَصْدَرِ مِنْ غَيْرِ مَا يَسْبِكُهُ لَهُ، كَمَا قَالَ الْخَلِيلُ فِي قَوْلٍ:
أُرِيدُ لِأَنْسَى حُبَّهَا أَيْ أَرَادَنِي لِأَنْسَى حُبَّهَا، فَيَكُونُ التَّقْدِيرُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: وَمِنْ آيَاتِهِ إِرَاءَتُهُ إِيَّاكُمُ الْبَرْقَ، فَمِنْ آيَاتِهِ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ. وَقَالَ الرُّمَّانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ:
وَمَنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ بِهَا، وَحُذِفَ لِدَلَالَةِ مِنْ عَلَيْهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا تَارَتَانِ فَمِنْهُمَا | أَمُوتُ وَأُخْرَى أَبْتَغِي الْعَيْشَ أَكْدَحُ |