فَآبَ مُضِلُّوهُ بِعَينِ جَلِيَّةٍ وَغودِرَ بِالْجَوْلَانِ حَزْمٌ وَنَائِلُ
وَقَرَأَ يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ، وَابْنُ مُحَيْصِنٍ، وَأَبُو رَجَاءٍ، وَطَلْحَةُ، وَابْنُ وَثَّابٍ: بِكَسْرِ اللَّامِ، وَالْمُضَارِعُ بِفَتْحِهَا، وَهِيَ لُغَةُ أَبِي الْعَالِيَةِ.
وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ: ضُلِّلْنَا، بِالضَّادِ الْمَنْقُوطَةِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً، وَرُوِيَتْ عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَرَأَ عَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَالْحَسَنُ، وَالْأَعْمَشُ، وَأَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: صَلَلْنَا، بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ
، وَمَعْنَاهُ: أَنْتَنَّا. وَعَنِ الْحَسَنِ: صَلِلْنَا، بِكَسْرِ اللَّامِ، يُقَالُ: صَلَّ يَصِلُّ، بِفَتْحِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا فِي الْمُضَارِعِ وَصَلَّ يَصَلُّ: بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ وَأَصَلَّ يَصِلُّ، بِالْهَمْزَةِ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ. قَالَ الشَّاعِرُ:
تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فيها أبيض أَصَلَّتْ فَهْيَ تَحْتَ الْكَشْحِ دَاءُ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ صِرْنَا بَيْنَ الصَّلَّةِ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ الصُّلْبَةُ. وَقَالَ النَّحَّاسُ: لَا نَعْرِفُ فِي اللُّغَةِ صَلَلْنَا، وَلَكِنْ يُقَالُ: أَصَلَّ اللَّحْمُ وَصَلَّ، وَأَخَمَّ وَخَمَّ إِذَا أَنْتَنَ، وَحَكَاهُ غَيْرُهُ. بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ: جَاحِدُونَ بِلِقَاءِ اللَّهِ وَالصَّيْرُورَةِ إِلَى جَزَائِهِ. ثُمَّ أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِجُمْلَةِ الْحَالِ غَيْرِ مُفَصَّلَةٍ، مِنْ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ، ثُمَّ عَوْدِهِمْ إِلَى جَزَاءِ ربهم بالبعث.
ومَلَكُ الْمَوْتِ: اسْمُهُ عِزْرَائِيلُ، وَمَعْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: تُرْجَعُونَ، مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ.
وَلَوْ تَرى: الظَّاهِرُ أَنَّهُ خِطَابٌ لِلرَّسُولِ، وَقِيلَ: لَهُ وَلِأُمَّتِهِ، أَيْ: وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ مُنْكِرِي الْبَعْثِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَرَأَيْتَ الْعَجَبَ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْمَعْنَى يَا مُحَمَّدُ قُلْ لِلْمُجْرِمِ. وَلَوْ تَرى: رَأَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى يَتَوَفَّاكُمْ، دَاخِلَةٌ تَحْتَ قُلْ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْهُ خِطَابًا لِلرَّسُولِ. والظاهر أن لو هنا لَمْ تَشْرَبْ مَعْنَى التَّمَنِّي، بَلْ هِيَ الَّتِي لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ، أَيْ لَرَأَيْتُ أَسْوَأَ حَالٍ يُرَى. وَلَوْ تَعْلِيقٌ فِي الْمَاضِي، وَإِذْ ظَرْفٌ لِلْمَاضِي، فَلِتَحَقُّقِ الْأَخْبَارِ وَوُقُوعِهِ قَطْعًا أَتَى بِهِمَا تَنْزِيلًا مَنْزِلَةَ الْمَاضِي. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خطابا لرسول الله، وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُرَادَ به التمني، كأنه قِيلَ: وَلَيْتَكَ تَرَى، وَالتَّمَنِّي لَهُ، كَمَا كَانَ التَّرَجِّي لَهُ فِي: لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ، لِأَنَّهُ تَجَرَّعَ مِنْهُمُ الْغُصَصَ وَمِنْ عَدَاوَتِهِمْ وَضِرَارِهِمْ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ، تَمَنِّيَ أَنْ يَرَاهُمْ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ الْفَظِيعَةِ مِنَ الْحَيَاءِ وَالْخِزْيِ وَالْغَمِّ لِيَشْمَتَ بِهِمْ، وَأَنْ تَكُونَ لَوِ امْتِنَاعِيَّةً، وَقَدْ حُذِفَ جَوَابُهَا، وَهُوَ: لَرَأَيْتَ أَمْرًا فَظِيعًا. وَيَجُوزُ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ كُلُّ أَحَدٍ، كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ لَئِيمٌ إِنْ


الصفحة التالية
Icon