فِعْلٍ تَقْدِيرُهُ لَكُمْ مِيعَادٌ، أَعْنِي يَوْمًا، وَأُرِيدُ يَوْمًا مِنْ صِفَتِهِ، أَعْنِي كَيْتَ وَكَيْتَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الرَّفْعُ عَلَى هَذَا لِلتَّعْظِيمِ. انْتَهَى. لَمَّا جُعِلَ الْمِيعَادُ ظَرْفَ زَمَانٍ، خَرَجَ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُهُ عَلَى الظَّرْفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ إِنْجَازُ وَعْدِ يَوْمٍ مِنْ صِفَتِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ. وَقَرَأَ عِيسَى: مِيعَادٌ مُنَوَّنًا، وَيَوْمَ بِالنَّصْبِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ مُضَافًا إِلَى الْجُمْلَةِ، فَاحْتَمَلَ تَخْرِيجُ الزَّمَخْشَرِيِّ عَلَى التَّعْظِيمِ، وَاحْتَمَلَ تَخْرِيجًا عَلَى الظَّرْفِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَيْ إِنْجَازُ وَعْدِ يَوْمِ كَذَا. وَجَاءَ هَذَا الْجَوَابُ عَلَى طَرِيقِ التَّهْدِيدِ مُطَابِقًا لِمَجِيءِ السُّؤَالِ عَلَى سَبِيلِ الْإِنْكَارِ وَالتَّعَنُّتِ، وَأَنَّهُمْ مَرْصُدُونَ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، يُفَاجِئُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَأَخُّرًا عَنْهُ وَلَا تَقَدُّمًا عَلَيْهِ. وَالْيَوْمُ: يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ السَّابِقُ إِلَى الذِّهْنِ، أَوْ يَوْمُ مَجِيءِ أَجَلِهِمْ عِنْدَ حُضُورِ مَنِيَّتِهِمْ، أَوْ يوم بدر، أقوال.
ولَنْ نُؤْمِنَ بِهذَا الْقُرْآنِ: يَعْنِي الَّذِي تَضَمَّنَ التَّوْحِيدَ وَالرِّسَالَةَ وَالْبَعْثَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهَا فِيهِ. وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: هُوَ مَا نَزَلَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُبَشِّرَةِ بِرَسُولِ اللَّهِ.
يُرْوَى أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ سَأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، فَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ صِفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي كُتُبِهِمْ، وَأَغْضَبَهُمْ ذَلِكَ، وَقَرَنُوا إِلَى الْقُرْآنِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ فِي الْكُفْرِ
، وَيَكُونُ الَّذِينَ كَفَرُوا مُشْرِكِي قُرَيْشٍ وَمَنْ جَرَى مَجْرَاهُمْ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْكُتُبِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. وقالت فرقة: بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ: هِيَ الْقِيَامَةِ، قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا خَطَأٌ، قَائِلُهُ لَمْ يَفْهَمْ أَمْرَ بَيْنِ الْيَدِ فِي اللُّغَةِ، وَأَنَّهُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الزَّمَانِ، وَقَدْ بَيَّنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى. وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ: أَخْبَرَ عَنْ حَالِهِمْ فِي صِفَةِ التَّعَجُّبِ مِنْهَا، وَتَرَى فِي مَعْنَى رَأَيْتَ لِإِعْمَالِهَا فِي الظَّرْفِ الْمَاضِي، وَمَفْعُولُ تَرَى مَحْذُوفٌ، أَيْ حَالَ الظَّالِمِينَ، إِذْ هُمْ مَوْقُوفُونَ. وَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ، أَيْ لَرَأَيْتَ لَهُمْ حَالًا مُنْكَرَةً مِنْ ذُلِّهِمْ وَتَخَاذُلِهِمْ وَتَحَاوُرِهِمْ، حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ وَالْجَدَلَ بِأَنَّ الْأَتْبَاعَ، وَهُمُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا، قَالُوا لِرُؤَسَائِهِمْ عَلَى جِهَةِ التَّذْنِيبِ وَالتَّوْبِيخِ وَرَدِّ اللَّائِمَةِ عَلَيْهِمْ: لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ: أَيْ أَنْتُمْ أَغْوَيْتُمُونَا وَأَمَرْتُمُونَا بِالْكُفْرِ. وَأَتَى الضَّمِيرُ بَعْدَ لَوْلَا ضَمِيرُ رَفْعٍ عَلَى الْأَفْصَحِ. وَحَكَى الْأَئِمَّةُ سِيبَوَيْهِ وَالْخَلِيلُ وَغَيْرُهُمَا مَجِيئَهُ بِضَمِيرِ الْجَرِّ نَحْوُ: لَوْلَاكُمْ، وَإِنْكَارُ الْمُبَرِّدِ ذَلِكَ لَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. وَلَمَّا كَانَ مَقَامًا، اسْتَوَى فيه المرءوس وَالرَّئِيسُ.
بَدَأَ الْأَتْبَاعُ بِتَوْبِيخِ مُضِلِّيهِمْ، إِذْ زَالَتْ عَنْهُمْ رِئَاسَتُهُمْ، وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يُنْكِرُوا أَنَّهُمْ


الصفحة التالية
Icon