عَلَى الرَّسُولِ، لِمُرُورِ ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِ: مَا بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ. وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: التَّنَاوُشُ: الرُّجُوعُ إِلَى الدُّنْيَا، وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ:
تَمَنَّى أن تؤوب إِلَيَّ مَيُّ | وَلَيْسَ إِلَى تَنَاوُشِهَا سَبِيلُ |
هُمِزَتِ الْوَاوُ الْمَضْمُومَةُ كَمَا هُمِزَتْ فِي أُجُوهٍ وَأُدُورٍ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَأَمَّا التَّنَاؤُشُ بِالْهَمْزِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّنَاوُشِ، وَهُمِزَتِ الْوَاوُ لَمَّا كَانَتْ مَضْمُومَةً ضَمَّةً لَازِمَةً، كَمَا قَالُوا:
أَفْتَيْتُ. وَقَالَ الْحَوْفِيُّ: وَمَنْ هَمَزَ احْتَمَلَ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنَ النَّاشِ، وَهُوَ الْحَرَكَةُ فِي إِبْطَاءٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَاشَ يَنُوشُ، هُمِزَتِ الْوَاوُ لِانْضِمَامِهَا، كَمَا هُمِزَتِ أَفْتَيْتُ وَأَدْوُرُ. وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَيُقْرَأُ بِالْهَمْزِ من أجل ضمة الْوَاوِ، وَقِيلَ: هِيَ أَصْلٌ مِنْ نَاشَهُ.
انْتَهَى. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ أَنَّ الْوَاوَ إِذَا كَانَتْ مَضْمُومَةً ضَمَّةً لَازِمَةً يَجُوزُ أَنْ تُبْدَلَ هَمْزَةً، لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْمُتَوَسِّطَةِ إِذَا كَانَ مُدْغَمَةً فِيهَا، وَنَحْوُ يَعُودُ ويقوم مَصْدَرَيْنِ وَلَا إِذَا صَحَّتْ فِي الْفِعْلِ نَحْوُ: تَرَهْوَكَ تَرَهْوُكًا، وَتَعَاوَنَ تَعَاوُنًا، وَلَمْ يَسْمَعْ هَمْزَتَيْنِ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ. وَالتَّنَاوُشُ مِثْلُ التَّعَاوُنِ، فَلَا يَجُوزُ هَمْزُهُ، لِأَنَّ وَاوَهُ قَدْ صَحَّتْ فِي الْفِعْلِ، إِذْ يَقُولُ: تَنَاوَشَ.
وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ: الضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ آمَنَّا بِهِ عَلَى الْأَقْوَالِ، والجملة حالية، ومِنْ قَبْلُ نُزُولِ الْعَذَابِ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: وَيَقْذِفُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ، حِكَايَةَ حَالٍ مُتَقَدِّمَةٍ. قَالَ الْحَسَنُ: قَوْلُهُمْ لَا جَنَّةَ وَلَا نَارَ، وَزَادَ قَتَادَةُ: وَلَا بَعْثَ وَلَا نَارَ. وَقَالَ