يَا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ، وَذَهَبَ عُمْرِي فِي طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، وَأَسْخَطْتُ رَبِّي، فَنَدِمَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ خَبَرَهُ.
أَنْ تَقُولَ: مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ، فَقَدَّرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ: أَيْ أَنِيبُوا مِنْ أَجْلِ أَنْ تَقُولَ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كَرَاهَةَ أَنْ تَقُولَ، وَالْحَوْفِيُّ:
أَنْذَرْنَاكُمْ مَخَافَةَ أَنْ تَقُولَ، وَنَكَّرَ نَفْسٌ لِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهَا بَعْضُ الْأَنْفُسِ، وَهِيَ نَفْسُ الْكَافِرِ، أَوْ أُرِيدَ الْكَثِيرُ، كَمَا قَالَ الْأَعْشَى:
وَرُبَّ نَفِيعٍ لَوْ هَتَفْتُ لِنَحْوِهِ | أَتَانِي كريم ينقض الرأسى مُغْضَبَا |
وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي الْوَقْفِ: يَا حَسْرَتَاهُ، بِهَاءِ السَّكْتِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَمَعْنَى نِدَاءِ الْحَسْرَةِ وَالْوَيْلِ: هَذَا وَقْتُكِ فَاحْضُرِي. وَالْجَنْبُ: الْجَانِبُ، وَمُسْتَحِيلٌ عَلَى اللَّهِ الْجَارِحَةُ، فَإِضَافَةُ الْجَنْبِ إِلَيْهِ مَجَازٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ: فِي أَمْرِ اللَّهِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: فِي ذِكْرِهِ، يَعْنِي الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ بِهِ. وَقِيلَ: فِي جِهَةِ طَاعَتِهِ، وَالْجَنْبُ: الْجِهَةُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَفِي جَنْبٍ تُكَنَّى قَطَعَتْنِي مَلَامَةً | سُلَيْمَى لَقَدْ كَانَتْ مَلَامَتُهَا ثَنَاءَ |
النَّاسُ جَنْبٌ وَالَأْمِيرُ جَنْبُ وَيُقَالُ: أَنَا فِي جَنْبِ فُلَانٍ وَجَانِبِهِ وَنَاحِيَتِهِ وَفُلَانٌ لَيِّنُ الْجَنْبِ وَالْجَانِبِ. ثُمَّ قَالُوا:
فَرَّطَ فِي جَنْبِهِ، يُرِيدُونَ حَقَّهُ. قَالَ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ:
أَمَّا تَتَّقِينَ اللَّهَ فِي جَنْبِ عَاشِقٍ | لَهُ كَبِدٌ حَرَّى عَلَيْكِ تَقَطَّعُ |
أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: