خُرُوجٌ عَنِ الظَّاهِرِ فِي تَفْرِيقِ الضَّمَائِرِ وَتَعْمِيَةِ الْمَعْنَى، إِذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ: جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَجَاءَتْهُمْ مِنْ خَلْفِ الرُّسُلِ، أَيْ مِنْ خَلْفِ أَنْفُسِهِمْ، وَهَذَا مَعْنًى لَا يُتَعَقَّلُ إِلَّا إِنْ كَانَ الضَّمِيرُ يَعُودُ فِي خَلْفِهِمْ عَلَى الرُّسُلُ لَفْظًا، وَهُوَ يَعُودُ عَلَى رُسُلٍ أُخْرَى مَعْنًى، فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِ رُسُلٍ آخَرِينَ، فَيَكُونُ كَقَوْلِهِمْ: عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ، أَيْ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ آخَرَ، وَهَذَا فِيهِ بُعْدٌ. وَخُصَّ بِالذِّكْرِ مِنَ الْأُمَمِ الْمُهْلَكَةِ عَادٌ وَثَمُودُ لِعِلْمِ قُرَيْشٍ بِحَالِهِمَا، وَلِوُقُوعِهِمْ عَلَى بِلَادِهِمْ فِي الْيَمَنِ وَفِي الْحِجْرِ، وَقَالَ الْأَفْوَهُ الْأَوْدِيُّ:
أَضْحَوْا كَقِيلِ بْنِ عَنْزٍ فِي عَشِيرَتِهِ | إِذْ أُهْلِكَتْ بِالَّذِي سَدَّى لَهَا عَادُ |
أَوْ بَعْدَهُ كَقُدَارٍ حِينَ تَابَعَهُ | عَلَى الْغِوَايَةِ أَقْوَامٌ فَقَدْ بادوا |
فَلَوْ شَاءَ رَبِّي كَنْتُ قَيْسَ بْنَ خَالِدٍ | وَلَوْ شَاءَ رَبِّي كَنْتُ عُمَرَ بْنَ مَرْثَدِ |
وَاللَّذُ لَوْ شَاءَ لَكُنْتُ صَخْرًا | أَوْ جَبَلًا أَشَمَّ مُشْمَخِرَّا |
(٢) سورة الأنعام: ٦/ ٣٥.
(٣) سورة الواقعة: ٥٦/ ٦٥.
(٤) سورة الواقعة: ٥٦/ ٧٠.
(٥) سورة يونس: ١٠/ ٩٩.
(٦) سورة الأنعام: ٦/ ١١٢.
(٧) سورة النحل: ١٦/ ٣٥.