إِلَيْهِ. وَقِيلَ: بَعْضُ مَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بَعْضُ بِمَعْنَى كُلٍّ، وَرَدَّهُ النَّاسُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هُوَ كَقَوْلِهِ: وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ «١»، أَيْ فِي الْإِنْجِيلِ: لَحْمُ الْإِبِلِ، وَالشَّحْمُ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ، وَصَيْدُ السَّمَكِ يَوْمَ السَّبْتِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: بَعْضُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ مِنْ تَبْدِيلِ التَّوْرَاةِ. وَقِيلَ: مِمَّا سَأَلْتُمْ مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: وَلِأُبَيِّنَ لَكُمُ اخْتِلَافَ الْقُرُونِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا فِي أَمْرِ عِيسَى فِي قَوْلِهِ: قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ، وَهُمْ قَوْمُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَيْهِمْ، أَيْ مِنْ تِلْقَائِهِمْ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ، بَانَ شَرُّهُمْ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِمُ الِاخْتِلَافُ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي سُورَةِ مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ:
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ «٢».
هَلْ يَنْظُرُونَ: الضمير لقريش، وأَنْ تَأْتِيَهُمْ: بَدَلٌ مِنَ السَّاعَةِ، أَيْ إِتْيَانَهَا إِيَّاهُمْ. الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ: قِيلَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ. وَالتَّنْوِينُ فِي يَوْمَئِذٍ عِوَضٌ عَنِ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ، أَيْ يَوْمَ إِذْ تَأْتِيهِمُ السَّاعَةُ، وَيَوْمَئِذٍ مَنْصُوبٌ بَعْدُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يَنْقَطِعُ كُلُّ خِلَّةٍ وَتَنْقَلِبُ الْأَخِلَّةُ الْمُتَّقِينَ، فَإِنَّهَا لَا تَزْدَادُ إِلَّا قُوَّةً. وَقِيلَ: إِلَّا الْمُتَّقِينَ: إِلَّا الْمُجْتَنِبِينَ أَخِلَّاءَ السُّوءِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَخِلَّاءَ السُّوءِ كُلٌّ مِنْهُمْ يَرَى أَنَّ الضَّرَرَ دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ خَلِيلِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُتَّقِينَ يَرَى كُلٌّ منهم النفع دَخَلَ عَلَيْهِ مِنْ خَلِيلِهِ. وقرىء:
يَا عِبَادِي، بِالْيَاءِ، وَهُوَ الْأَصْلُ، وَيَا عِبَادِ بِحَذْفِهَا، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، وَكِلَاهُمَا فِي السَّبْعَةِ. وَعَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ: سَمِعَ أَنَّ النَّاسَ حِينَ يُبْعَثُونَ، لَيْسَ مِنْهُمْ أحد إلا يفزغ فَيُنَادِي مُنَادٍ يَا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الآية، فَيَرْجُوهَا النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَيَتْبَعُهَا الَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةَ، قَالَ: فَيَيْأَسُ مِنْهَا الْكُفَّارُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: لَا خَوْفٌ، مَرْفُوعٌ مُنَوَّنٌ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ: بِالرَّفْعِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ وَالْحَسَنُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَعِيسَى، وَابْنُ يَعْمَرَ: بِفَتْحِهَا من غير تنوين، والَّذِينَ آمَنُوا صفة ليا عبادي.
تُحْبَرُونَ: تُسَرُّونَ سُرُورًا يَظْهَرُ حَبَارُهُ، أَيْ أَثَرُهُ عَلَى وُجُوهِكُمْ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ «٣». وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يُكْرَمُونَ إِكْرَامًا يُبَالَغُ فِيهِ، وَالْحَبَرَةُ:
الْمُبَالَغَةُ فِيمَا وُصِفَ بِجَمِيلٍ وَأَمَالَ أبو الحرث عَنِ الْكِسَائِيِّ. بِصِحافٍ: ذَكَرَهُ ابْنُ خَالَوَيْهِ. وَالضَّمِيرُ فِي: وفِيها، عَائِدٌ عَلَى الْجَنَّةِ. مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ:
هَذَا حَصْرٌ لِأَنْوَاعِ النِّعَمِ، لِأَنَّهَا إِمَّا مُشْتَهَاةٌ فِي الْقُلُوبِ، أَوْ مُسْتَلَذَّةٌ فِي العيون. وقرأ أبو

(١) سورة آل عمران: ٣/ ٥٠.
(٢) سورة مريم: ١٩/ ٣٧.
(٣) سورة المطففين: ٨٣/ ٢٤.


الصفحة التالية
Icon