أَجْوَدُ. انْتَهَى. وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ تَشَبُّثِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْمُحْسِنَةِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَالْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ: سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ، بَدَلٌ مِنَ الْكَافِ، لِأَنَّ الْجُمْلَةَ تَقَعُ مَفْعُولًا ثَانِيًا فَكَانَتْ فِي حُكْمِ الْمُفْرَدِ. أَلَا تَرَاكَ لَوْ قُلْتَ: أَنْ نَجْعَلَهُمْ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ كَانَ سَدِيدًا؟ كما تقول: ظننت زيد أَبُوهُ مُنْطَلِقٌ. انْتَهَى. وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيُّ، مِنْ إِبْدَالِ الْجُمْلَةِ مِنَ الْمُفْرَدِ، قَدْ أَجَازَهُ أَبُو الْفَتْحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ، وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ شَوَاهِدَ عَلَى زَعْمِهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْبَدَلُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ الْإِمَامُ الْعَالِمُ ضِيَاءُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْإِشْبِيلِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْعِلْجِ، وَكَانَ مِمَّنْ أَقَامَ بِالْيَمَنِ وَصَنَّفَ بِهَا، قَالَ فِي كِتَابِهِ (الْبَسِيطِ فِي النَّحْوِ) : وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً مَعْمُولَةً لِلْأَوَّلِ فِي مَوْضِعِ الْبَدَلِ، كَمَا كَانَ فِي النَّعْتِ، لِأَنَّهَا تُقَدِّرُ تَقْدِيرَ الْمُشْتَقِّ تَقْدِيرَ الْجَامِدِ، فَيَكُونُ بَدَلًا، فَيَجْتَمِعُ فِيهِ تَجَوُّزُ أَنْ، وَلِأَنَّ الْبَدَلَ يَعْمَلُ فِيهِ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ، فَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا، وَالْجُمْلَةُ لَا تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْفَاعِلِ بِغَيْرِ سَائِغٍ، لِأَنَّهَا لَا تُضْمَرُ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْمُولَةٍ، فَهَلْ تَكُونُ جُمْلَةً؟ لَا يَبْعُدُ عِنْدِي جَوَازُهَا، كَمَا يُتْبَعُ فِي الْعَطْفِ الْجُمْلَةُ لِلْجُمْلَةِ، وَلِتَأْكِيدِ الْجُمْلَةِ التَّأْكِيدُ اللَّفْظِيُّ. انْتَهَى.
وَتَبَيَّنَ مِنْ كَلَامِ هَذَا الْإِمَامِ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ بَدَلًا مِنَ الْمُفْرَدِ، وَأَمَّا تَجْوِيزُ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنْ نَجْعَلَهُمْ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ، فَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ. لَا يَجُوزُ صَيَّرْتُ زَيْدًا أَبُوهُ قَائِمٌ، وَلَا صَيَّرْتُ زَيْدًا غُلَامُهُ مُنْطَلِقٌ، لِأَنَّ التَّصْيِيرَ انْتِقَالٌ مِنْ ذَاتٍ إِلَى ذَاتٍ، أَوْ مِنْ وَصْفٍ فِي الذَّاتِ إِلَى وَصْفٍ فِيهَا. وَتِلْكَ الْجُمْلَةُ الْوَاقِعَةُ بَعْدَ مَفْعُولٍ صَيَّرَتِ الْمُقَدَّرَةَ مَفْعُولًا ثَانِيًا، لَيْسَ فِيهَا انْتِقَالٌ مِمَّا ذَكَرْنَا، فَلَا يَجُوزُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إِذَا قُلْنَا بِتَشَبُّثِ الْجُمْلَةِ بِمَا قَبْلَهَا، أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ، وَالتَّقْدِيرُ: أَمْ حَسِبَ الْكُفَّارُ أَنْ نُصَيِّرَهُمْ مِثْلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي حَالِ اسْتِوَاءِ مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ؟ لَيْسُوا كَذَلِكَ، بَلْ هُمْ مُفْتَرِقُونَ، أَيِ افْتِرَاقٌ فِي الْحَالَتَيْنِ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْحَالُ مُبَيِّنَةً مَا انْبَهَمَ فِي الْمِثْلِيَّةِ الدَّالِّ عَلَيْهَا الْكَافُ، الَّتِي هِيَ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي. وَقَرَأَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ: سَوَاءً بِالنَّصْبِ، وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ، أَجْرَى سَوَاءً مُجْرَى مُسْتَوِيًا، كَمَا قَالُوا: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ سَوَاءٌ هُوَ وَالْعَدَمُ. وَجَوَّزَ فِي انْتِصَابِ سَوَاءً وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى الْحَالِ، وكالذين الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ، وَالْعَكْسُ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: سَوَاءً بِالنَّصْبِ، مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتَهُمْ بِالنَّصْبِ أَيْضًا، وَخُرِّجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتَهُمْ ظَرْفَيْ زَمَانٍ، وَالْعَامِلُ، إِمَّا أَنْ نَجْعَلَهُمْ، وَإِمَّا سَوَاءً، وَانْتَصَبَ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ


الصفحة التالية
Icon