وَكِنَانَةُ قَبِيلَةٌ وَقُرَيْشٌ عِمَارَةٌ وَقُصَيٌّ بَطْنٌ وَهَاشِمٌ فَخْذٌ وَالْعَبَّاسُ فَصِيلَةٌ. وَسُمِّيَتِ الشُّعُوبَ، لِأَنَّ الْقَبَائِلَ تَشَعَّبَتْ مِنْهَا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الشُّعُوبُ: الْبُطُونُ، هَذَا غَيْرُ مَا تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَيَأْتِي خِلَافٌ فِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً. الْقَبِيلَةُ دُونَ الشَّعْبِ، شُبِّهَتْ بِقَبَائِلِ الرَّأْسِ لِأَنَّهَا قِطَعٌ تَقَابَلَتْ. أَلَتَ يَأْلُتُ: بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِهَا أَلَتًا، وَلَاتَ يَلِيتُ وَأَلَاتَ يَلِيتُ، رُبَاعِيًّا، ثَلَاثَ لُغَاتٍ حَكَاهَا أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالْمَعْنَى نَقَصَ. وَقَالَ رُؤْبَةَ:
وَلَيْلَةٍ ذَاتِ نَدًى سَرَيْتُ | وَلَمْ يَلُتْنِي عَنْ سَرَاهَا لَيْتُ |
أَبْلِغْ سَرَاةَ بَنِي سَعْدٍ مُغَلَّظَةً | جَهْدَ الرِّسَالَةِ لَا أَلَتًا وَلَا كَذِبَا |
هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ. وَمُنَاسَبَتُهَا لِآخِرِ مَا قَبْلَهَا ظَاهِرَةٌ، لِأَنَّهُ ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه، ثُمَّ قَالَ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ «١»، فَرُبَّمَا صَدَرَ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَامَلِ الصَّالِحَاتِ بَعْضَ شَيْءٍ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُنْهَى عنه، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَكَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ، وَهِيَ إِلَى الْآنَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْآرَاءِ، وَأَنْ يَتَكَلَّمَ كُلٌّ بِمَا شَاءَ وَيَفْعَلَ مَا أَحَبَّ، فَجَرَى مِنْ بَعْضِ مَنْ لَمْ يَتَمَرَّنْ عَلَى آدَابِ الشَّرِيعَةِ بَعْضَ ذَلِكَ. قَالَ قَتَادَةُ:
فَرُبَّمَا قَالَ قَوْمٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَا لَوْ أُنْزِلَ فِي كَذَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: ذَبَحَ قَوْمٌ ضَحَايَا قبل
(١) سورة الفتح: ٤٨/ ٢٩.